|


محمد المسحل
الجمهور والقيمة المهدرة
2024-02-02
الحضور الجماهيري لمباريات دوري روشن السعودي لكرة القدم الموسم الماضي كان قريبًا من المليون ونصف المليون متفرج، وهذا دون شكٍّ رقمٌ، يرتفع بشكلٍ ملحوظٍ كل سنةٍ بسبب التطوير الملحوظ في خدمات الملاعب، والتقدُّم الفني الذي تشهده البطولة نتيجة استقطاب عديدٍ من النجوم العالميين الذين يُحسِّنون الإقبالَ الجماهيري.
ومن المعروف أن شركات الإعلانات تستغلُّ الحضور الجماهيري، سواءً ذلك الذي نشاهده في الملاعب، أو الموجود في البيوت عبر شاشات التلفزيون عن طريق شراء حقوق الإعلانات داخل الملاعب، وعلى قمصان لاعبي الأندية، بل وعلى شاشات القنوات الناقلة أيضًا، وعليه: لماذا لا يتمُّ استغلال هذا الحضور الجماهيري الطاغي والمتنامي لدعم الأنشطة الرياضية والاجتماعية الأخرى، خاصةً في الدقائق القليلة التي تسبق بداية اللقاءات، ودقائق الاستراحة ما بين الشوطين؟
في هذه الفترة يمكن القيام بعروضٍ حيةٍ لنشاطاتٍ مدرسيةٍ، أو إشهار لعبةٍ رياضيةٍ أخرى، أو أي منشطٍ رياضي، أو اجتماعي، يُراد له النشر والإشهار، وتعريف المجتمع به، وهنا لا أستثني أيضًا الفعاليات الثقافية، والحملات الوطنية المختلفة، التي يعتمد نجاحها على الحضور الجماهيري، والمتابعة الكبيرة عبر البث التلفزيوني، خاصةً أن الدوري، يتميَّز بكثافة حضورٍ، وكثافة متابعةٍ تلفزيونيةٍ عاليةٍ جدًّا، وهذا مع الأسف غير مستغلٍّ لدرجةٍ شبه كاملةٍ!
هذه الدقائق تمثِّل قيمةً اقتصاديةً واجتماعيةً مهدرةً، يمكن تحويلها إلى قيمةٍ إعلاميةٍ واجتماعيةٍ كبيرةٍ إذا ما تمَّ تحويلها إلى منتج يمكن بيعه، أو حتى «منحه» لجهات عدة، تتمنى استغلاله، لا سيما الجهات المذكورة أعلاه، إضافةً إلى استخدامها بتمرير رسائل مجتمعية مختلفة من الضروري إيصالها إلى شريحة الشباب، سواءً الرسائل التوعوية الخاصة بمكافحة المخدرات، أو آداب وأخلاقيات قيادة السيارات، أو حتى ما يخصُّ الحذر من المواقع الإلكترونية المشبوهة، وغير ذلك من الرسائل ذات المضامين المهمة جدًّا.
كثيرٌ من الدول المتقدمة في مجال الإعلام والإعلان، تستغلُّ كل ثانيةً تستطيع استغلالها خلال الأحداث الرياضية ذات الكثافة الجماهيرية والمتابعة التلفزيونية العالية، فهي بالنسبة لها قيمةٌ ماليةٌ كبيرةٌ، تتنافس على الحصول عليها، وتحويلها إلى منتج ربحي، أو غير ربحي ذي مردودٍ كبيرٍ.