|


تركي السهلي
ولد «شيخة»
2024-02-26
سبتمبر 1969م، وقريبًا من الشارع 16 في مدينة الخُبر في المنطقة الشرقية، كان «يوسف» وزوجته «شيخة» يرعيان صغيرًا سمّياه «سلمان». كانت المدينة ذات التخطيط الشبكي، والشبيهة بـ «سان فرانسيسكو» الأمريكية تستفيق على البحر، وتنام على النور، كانت شوارع المدينة الساحلية على الخليج العربي، مُخطّطة بعناية، وبيوت أهلها متلاصقة بحميمية، فكانت الأبواب مفتوحة على الهواء، وألوان الناس الجُدد.
كان الشارع المؤدي إلى شارع محفورًا للماء، والشركة «الهولندية» تعمل على تنفيذ السقيا بلغة إنسان، وألعاب صبية الأحياء، وصنابير الود.
وصل الماء وشرب «سلمان»، وأخذت أمه «شيخة» الطحين، وصنعت العجينة للولد الصغير. كانت خميرة الطفل طريّة، ووالدته أذكى من نساء الحي في وضع قطعة الكعك في جيب الصغير، واستطعمته حلوىً لا تُنسى خمائرها.
كبُرت مدينة الخُبر، وكبُر سلمان، وتوسّعت الشوارع، وازدادت الوجوه، وأخذت الأقدام «ولد شيخة» إلى الساحات، والباحات، ومياه الخليج المالحة.
مع تتالي السنين، أعطت شيخة ابنها القلم، والورقة.
لقد صنعت شيخة من سلمان شابًا ودودًا ذكيًّا يُجيد التقاط المحّار، وتحويله إلى سلسلة حكمة، ومنطق.
كان سلمان بن يوسف الدوسري، مفتوحًا على الجهات، نحو «المنامة» و«أبو ظبي» و«ودبي» و«الدوحة»، لكنّ أمّه شيخة كانت تُعيده دومًا إلى الاتجاه نحو الرياض، حيث القرار في «الدرعيّة» ومبنى «الشركة السعودية للأبحاث والنشر».
يرتبط سلمان بأمّه أكثر من ارتباطه بأي أحد، وحين تذكيره بها يذرف أدمعًا، ويغدو صغيرًا يشتهي «البرجر» من مطعم «صخر» ووجبات الصغار من محل «سقراط» في الخبر. موت «شيخة» هو الألم الأكبر في حياة سلمان بن يوسف الدوسري، وبقاءه قويًّا في تفاصيل حياته، كان بفضل تكوينها له. حينما يجلس سلمان على الكرسي مسؤولًا، يتذكّر تهيئة أمه للمقعد، ومجلس البيت قريبًا من الشارع 16 في مدينة الأمواج، والتخطيط الشبكي.
اليوم، سلمان وزيرًا، يُدير الإعلام، ويكتب من قلم «شيخة».