|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2024-02-27
* مقال اليوم من أخبار ودراسات العالم الذي نعيش، العالم الذي رغم كل اختراعات البشر وتطوره، إلا أنه مازال يدرسه، فتلغي الدراسة الجديدة ما سبقها، وقد تعود آخر الدراسات لتؤيد الدراسة الملغية. نحن البشر مهما بلغنا من العلم، يبقى علمنا ضئيلًا أمام العالم وأسراره. آخر الدراسات تقول إن الفقراء أكثر سعادة من الأغنياء، واستندت الدراسة للميلانزيين الذين يعيشون بالقرب من جزر فيجي، يتغذون على صيد الأسماك، ويسكنون في بيوت متواضعة، وتفتقر حياتهم لأبسط خدمات المدينة! قالت الدراسة إن هؤلاء هم الأكثر سعادة! لا أعلم كيف يكونون سعداء وهم يفتقرون للخدمات الطبية الجيدة، وهل يشعرون بالسعادة عندما يتساقط ماء المطر على رؤسهم من سقف المنزل أثناء الليل. ربما جاءت سعادتهم كونهم تكيفوا مع بساطة حياتهم، كما أنهم لا يواجهون ضغوطات حياة المدن من التزامات، فلا إجارات، ولا فواتير شهرية، ولا كماليات ومطاعم تستنزف الجيوب، ولا سوشل ميديا تسرق الوقت. ولا مقالات تشبه مقالاتي. لا بد أنهم سعداء، قد يكون السبب في حياتهم الوديعة ورتابتها التي تبعث الطمأنينة. أستطيع تخيل حياتهم، ينامون أول المساء ويصحون في الفجر، يومهم يكفي للكثير من الأعمال والراحة. لا أعتقد أن حياتهم تصلح لي، سأهرب مع أول لسعة بعوضة!
* المواقف الإنسانية النبيلة هي من تصنع السعادة والطمأنينة في قلوب الناس، هي من سمحت لنا أن نصف عالمنا بالجميل. تخيلوا الحياة من دون الطيبين والكرماء. سيكون عالم قاسيًا صلبًا. في الأيام الماضية انتشرت حكاية سيدة مصابة بالشلل، وصلتها رسالة من رجل تبرع لها بمنزل، كتب لها بأنه مدين لها بما لم ولن ينساه. كان الرجل زميلها في المدرسة الابتدائية، وكان الطلبة يتنمرون عليها بسبب الشلل الذي تعانيه، حينها وقف صاحبنا في وجه المتنمرين قائلًا بأنه سيهاجم كل من يتنمر عليها. منذ موقفه الشجاع لم يتنمر عليها أحد. في المقابل أصبحت تساعد زميلها الشجاع في شرح بعض الدروس التي لم يفهمها، كما كتبت الكثير من الواجبات بدلًا عنه. كبروا وتفرقوا. لكن صاحبنا الشجاع كان شجاعًا حقيقيًا، فمن مواصفات الشجاع الحقيقي الوفاء، وتذكر كل ذي معروف، مع نسيان كل معروف يقدمه لغيره. بعد مرور السنوات بحث عن زميلته فوجد حسابها على السوشل ميديا، قال لها في رسالته بأنها صاحبة فضل عليه، وأنها حسنت من علاماته، وجعلته يحب دروسه. المرأة رفضت هدية زميلها مع شكره على كرمه، لكنها تفاجأت باتصال من أحد المستشفيات يقول لها بأن زميلها دفع تكلفة علاجها لثلاث سنوات. لم تقبل الهدية لغاية الآن، وما زال متابعوها يحثونها على قبول هدية زميلها النبيل.
* أرسطو: لن يحيا بالسعادة إلا الخيّرون من الناس، ولا يكون المرء خيّرًا إلا بتحليه بالفضيلة.