اعتاد الحكم الأسترالي شون إيفانز على ألَّا يضبط ساعة المنبه على أي توقيتٍ خلال يوم المباراة، لأنه يريد التأكُّد من حصوله على نومٍ جيدٍ قبل أن يبدأ يومه.. يغادر بعد ذلك سريره من أجل حمامٍ دافئ.. يحتسي القهوة مع وجبة إفطارٍ، تتكوَّن من البيض والخبز المحمَّص.. ثم يخرج للنزهة لمدة ساعةٍ لممارسة الرياضة، والاستمتاع بالهواء النقي.
وفق هذا الروتين والنمط، يبدأ الأسترالي، المولودُ في ولاية فيكتوريا عام 1987، يومه الحافل قبل المباراة التي أسندت إليه إدارتها.. وهو الذي ستضبط صافرته مواجهة «الكلاسيكو» بين الهلال والاتحاد في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال آسيا 2024، الثلاثاء، على ملعب «المملكة أرينا» في الرياض.
إيفانز، الذي بدأ مسيرته عام 2008 بوصفه حكمًا مساعدًا، وتمَّ ترقيته إلى حكمٍ في 2012، كان يعمل في مجال البناء، وتعلَّم منه السرعة والدقة والاعتياد على الجدية.. هذا ما ساعده، ليصبح تاليًا أحد حكام النخبة في القارة الصفراء قبل أن يبلغ الـ 30 من عمره، إذ يمتازُ بالشجاعة، والصرامة، وسرعة اتخاذ القرار، مع تحرُّكاتٍ فيزيائيةٍ في المستطيل الأخضر، تمكِّنه من اتخاذ القرارات الصحيحة خلال مجريات المباراة.
عام 2016، كان إيفانز من أوائل الحكام الأستراليين الذين تمَّ اختيارهم بوصفهم حكامًا متفرِّغين لكرة القدم في البلاد.. وفي العام التالي تمَّ منحه الشارة الدولية من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، الأمر الذي جعله يتفرَّغ لممارسة التحكيم «محترفًا»، ويستقيل من عمله السابق في مجال البناء.
يصفُ الشاب الأسترالي تلك اللحظة بقوله: «إنها فرصةٌ رائعةٌ بالنسبة لي من أجل التركيز على مسيرتي التحكيمية. أنا أحبُّ التحكيم، ومتحمِّسٌ جدًّا لأن أكون قادرًا على وضع كل اهتمامي وطاقتي في تحسين نفسي، والتركيز فقط على أن أصبح حكمًا أفضلَ».
ساعدت تلك الخطوة إيفانز في إظهار إمكاناته وبراعته لاحقًا في إدارة المواجهات الكبرى ضمن دوري بلاده.. وكانت من أبرز المباريات التي قادها تلك التي جمعت ويسترن سيدني وأديلايد يونايتد.. فبعدها طالب رئيس نادي ويسترن سيدني من الاتحاد الأسترالي منع الحكم من إدارة مباريات فريقه عقب إشهاره بطاقةً حمراءَ لأحد لاعبيه، كانت «غير صحيحةٍ»، لكن تمَّ رفض الطلب من قِبل اتحاد اللعبة في البلاد.
يقضي الحكم الشاب أغلب الأسبوع في تحليل أداء الفريقين اللذين أسندت إليه مهمة إدارة المباراة بينهما حتى يكون في أتمّ الجاهزية خلال يوم المواجهة، وعلى معرفةٍ تامةٍ بكافة تفاصيل المتنافسَين بدقةٍ.. يقول عن ذلك: «عادةً ما أشاهد مقاطع الفيديو، وأحلِّل أداء الفريقين بدقةٍ للتأكد من أنني مستعدٌّ لأي شيءٍ يحدث يوم المباراة. أشاهد عددًا من المباريات الأخيرة للفريقين، وأنظر إلى كثيرٍ من الأشياء، بدءًا من تكتيكات الفريقين، وحتى اكتشاف بعض اللاعبين الذين يمكن أن يسبِّبوا تحديًا خلال المباراة».
ولا يستغني ابن مدينة فيكتوريا عن وجبة المعكرونة المفضَّلة لديه خلال فترة الغداء، وعادةً ما يتناولها برفقة الطاقم المساعد له في إدارة المباراة. يقول إيفانز عن تلك العادة: «بعد قضاء بعض الوقت في الفندق، أجمع بقية مجموعة التحكيم لتناول طعام الغداء، وأجلس معهم. عادة نتناول بعض المعكرونة، فهي وجبتي المفضَّلة قبل المباراة، ومن الجيد أن نكون معًا بوصفنا مجموعةً، وأن نبدأ سويًّا في الاستعداد لما هو مقبلٌ، ثم أذهب للنوم عقب الغداء لمدة 90 دقيقةً كحدٍّ أقصى، بعدها أتحضَّر للذهاب إلى الملعب قبل نحو ساعتين ونصف الساعة من انطلاق المباراة».
ولا يوجِّه الحكم الأسترالي أي رسالةٍ إلى قائدي الفريقين قبل انطلاق المواجهة، كما يفعل بعض الحكام مع اللاعبين عند وقت القرعة، ويفضِّل التركيز على العبارات الإيجابية. يقول إيفانز: «لا توجد لدي أي رسالةٍ محددةٍ في هذه المرحلة. أنا فقط أنقل التمنيات الطيبة لهم، وأقول لهم: خوضوا مباراةً جيدةً، واستمتعوا بها. لا أعطي أي تعليماتٍ واضحةٍ حول الطريقة التي أريد أن تُلعب بها المباراة. أنا لست هذا النوع من الحكام، وأسمح لهم بأن يكونوا كما هم، وسأتولى إدارتهم طوال المواجهة».
في الرياض، ربما لن يواجه الحكم الشاب أي مشكلاتٍ تذكر في إدارة «الكلاسيكو» السعودي المنتظر، لكنْ على لاعبي الفريقين أن يكونوا على حذرٍ من بطاقات الأسترالي الحمراء، التي لا يتردَّد في إخراجها مهما كلَّفه الأمر.