|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2024-03-15
منذ الأمس وأنا أفكر بنزيل الغواصة الصفراء، كلما فكرت فيه أبدو صغيرًا، وكلما مررت فيه، وظننته ظروفًا صعبة، تبدو تافهة. حكايته درس لا نتحصل عليه في هارفارد، ولا في القصص، التي نقرأها في كتب السيّر الذاتية. نزيل الغواصة الصفراء الأمريكي بول ألكساندر أصيب في طفولته «1952» بمرض شلل الأطفال، لم يكن لقاح شلل الأطفال متوفرًا، والمرض إذا ما أصاب الرئة فإنه يصيبها بما يشبه الشلل، ولم تعد تعمل بشكل طبيعي، وتحتاج إلى جهاز آلي يعمل على مدار الوقت، كما أن المريض يجب ألّا يتعرض جسده للهواء، لذا كان المصاب بالمرض يوضع داخل أنبوب مغلق، ولا يظهر من المريض إلا رأسه. حينها كان بول يبلغ 6 سنوات. ومنذ 1952 إلى قبل يومين وبول ممد دون حركة. بول توفى بعد 72 عامًا دون أن يغادر الأنبوب، الذي أسماه بالغواصة الصفراء، عاش كل مراحل حياته ممدًا، رافقه في رحلته صوت الآلة المزعج. العجيب أنه لم يستسلم ولو ليوم واحد، قرر إكمال دراسته وأصبح محاميًا، مارس عمله من غواصته، حصل على أكثر من شهادة دكتوراه، لم ينقطع عن التعليم حتى العام 2014 عندما أضاف شهادة دكتوراه جديدة. كان رسامًا مبدعًا، ولن يستطيع أي خبير رسم الاكتشاف أن بول كان يرسم وهو يمسك الفرشاة بفمه. عندما أنظر للحياة، التي عاشها بول، أجد أن ظروفنا الصعبة لا تبدو شيئًا يذكر أمام ما مر فيه، وقوتنا تبدو صغيرة ضعيفة أمام قوته، عندما أنظر لظروف حياته أجد أننا في كل أحوالنا مهما صعبت، وظروفنا مهما قست، نعيش رفاهية قصوى قياسًا بأحواله وظروفه. حياة بول دروس وعبر، منها نتعلم معنى القوة الحقيقي، ومعنى الصبر.
ربح مؤسس شركة أوراكل «لاري إليسون» 15 مليارًا في يوم واحد. كم؟ 15 مليارًا! يا جماعة ما ربحه إليسون في يوم تصرفه دولة في عام كامل، يُطلق على هذه المصاريف اسم ميزانية. لم أقرأ يومًا في صفحة اقتصادية، ولم أسمع من محلل اقتصادي أن بشرًا يستطيع الربح في يوم 15 مليارًا. تذكرت أحد المعارف عندما ربح 300 ألف ريال في الأسهم، غير سيارته وأصدقاءه وطريقة مشيته. أما إليسون فلم يتغير فيه شيء، واصل حياته بشكل طبيعي، هو خامس أثرى شخص في العالم «146 مليارًا»، وسبق وسمعت بيل جيتس يقول إن السعادة تكمن في الوصول للمليار الأول، فوق ذلك تصبح الأرقام أرقامًا.