|


إبراهيم بكري
عيدكم مبارك
2024-04-10
ذاكرة العيد من الأيام التي لا يعبر منها قطار الزهايمر، ولا محطات النسيان، بل تبقى خالدةً للأبد.
‏في العيد لا تفصّل ثيابك فقط، فحتى اللحظات التي تعيشها تفصّلها بنفسك مع مَن حولك. ولكل واحدٍ منا ملفاتٌ من الذكريات، عاشها في كل عيدٍ، ولا يمكن أن تفارقه، أو تطوى صفحاتها.
ثوبك الجديد الأول من أين، ومَن تكفل به؟ ما زلت تعرف ملامح وجه الخياط الذي انحنى أمامك حتى يقيس طولك. لبس الشماغ للمرة الأولى في العيد، ما زلت تعرف مَن «ضبط عقالك» فوق رأسك، وكيف كانت مشيتك بحذرٍ كيلا يسقط، فمن أعقد الاختبارات في الطفولة لبسُ الشماغ في المرة الأولى.
لا يمكن أن تنسى الشخص الكريم في «العيدية»، وكل عيدٍ يمنحك مبلغًا ماليًّا، حتى وإن كان قليلًا في معيار العمر الحالي، إذ إنه كان يمثِّل لك الشيء الكثير، وكنت في كل عيدٍ، تحرص على أن تزور الشخص الكريم مع الأطفال بـ «العيدية».
حتى وإن كانت في ذلك الزمن ملاهي أطفالٍ متواضعة بإمكاناتها، لكنها كانت تجسِّد لك المزار الأهمَّ في العيد، ولكل واحدٍ منا شخصٌ من عائلته، كان حريصًا على الذهاب به إلى الحديقة. بالتأكيد ما زلت حتى الآن تشعر بأنه يمسك يدك، ويخاف عليك من الزحام.
رائحة جدك وجدتك، وكل كبار السن، فيهم رائحة ماضٍ مجيدٍ، والعيد كان يعني لهم مشاهدة التاريخ في عيون أحفادهم، والصورة الجماعية كانت حقبًا من الزمن، الأجداد، الآباء، والأحفاد. مهما اختلفت طقوس العيد من مكانٍ لآخر، يبقى العامل المشترك بينها السعادة، ولا يقاس فرحك بقدرتك المادية، ففي العيد تنزل رحمات السماء ليستمتع الفقراء كالأغنياء.
قد تشتاق لأشياءَ كثيرةٍ، كانت طقوسك في كل عيدٍ، لكن لا عليك، اليوم أنت مَن يصنع العيد لنفسه، لذا استمتع بكل لحظة فرحٍ تعيشها مع أهلك، اقترب أكثر من أطفالك، اكتشفهم من الداخل، واجعلهم يعرفونك كما أنت.

لا يبقى إلا أن أقول:
شيءٌ جميلٌ أن نستمتع في العيد، ونعيش الفرح، لكن يجب ألَّا نغفل عن صلة الرحم بالتواصل معهم وزيارتهم لتجديد العهد بهم. حتى وإن تباعدت أجسادنا في أيام مضت في العيد، يجب أن تبقى قلوبنا متقاربةً، لذا بادر بمعايدة قريبٍ، أو صديقٍ، فما أجمل أن تزرع الفرح في قلب أي شخصٍ بتهنئة عيدٍ، تعبِّر عن حبك له. لا تخجل من التعبير عن مشاعرك لكل مَن لهم في القلب موطنٌ، واستثمر العيد، ليشعروا بك وتشعر بهم. وكل عام والعيد يعيش معك بالحب وصفاء الروح.
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا «الرياضية».. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكرًا.