زكري.. تعلم في إيطاليا.. أبقى 3 بين الكبار.. وسابق الريح
رجل عربي يرتدي قبعة، يغيب عن الأضواء، ثم يظهر مسابقًا الريح في الأمتار الأخيرة، متقمصًا دور المنقذ الشجاع.
ينجح في مهمته وسط دهشة كبيرة، ويحتفل على طريقته المعهودة عندما يركض بأقصى سرعة داخل المستطيل الأخضر، ولاعبو فريقه يطاردونه في مشهد فرائحي بعد العودة من الموت، والنجاة من الهبوط..
هكذا يمكن تلخيص مسيرة الجزائري نور الدين زكري، مدرب اللحظات المصيرية، والرجل الذي وصل بفريق الأخدود الأول لكرة القدم إلى بر الأمان الموسم الجاري.
زكري المولود في ولاية باتنة الجزائرية، تلك المنطقة التي تمتاز بالتضاريس الوعرة والمناظر الخلابة، قبل أن يترك بلاده الجزائر بالكامل ويهاجر إلى إيطاليا، طمعًا في تعلم التكتيك على أصوله، من أجل احتراف المهنة الأقرب إلى عقله وقلبه، وهي مهنة التدريب.
وحصل نور الدين على أكثر من دورة تدريبية في إيطاليا، قبل أن ينجح في اكتساب رخصة التدريب «برو» من مركز التدريب الفني الفيدرالي في فلورانسا، والتابع للاتحاد الإيطالي لكرة القدم.
وبعد نيله رخصة التدريب واعتماده مديرًا فنيًا، قرر نور الدين زكري الاستقرار في إيطاليا لبعض الوقت وعدم العودة إلى الجزائر، لذلك بدأ مسيرته بتدريب فريق باريرا كالتشيو الإيطالي، ضمن أندية الدرجة الرابعة، عام 2000، لكنه لم يستمر طويلًا في منصبه، قبل أن يحصل على فترة راحة ويعود مرة أخرى لقيادة الفريق ذاته عام 2005.
وقدم زكري أوراق اعتماده رسميًا مع فريق باريرا لينجح في قيادتهم للتأهل إلى الدرجة الأعلى، ويستقبل مباشرة بعدها من أجل العودة إلى الجزائر والمنطقة العربية.
وبدأ نور الدين من القمة في الجزائر، حين تولى قيادة فريق وفاق سطيف، أحد أقوى أندية الدوري وقارة إفريقيا، عام 2010.
وأدار زكري 30 مباراة للوفاق في مختلف المسابقات، حقق خلالها 18 انتصارًا وخسر 3 مواجهات فقط إضافة إلى 9 تعادلات، كما توج مع فريق وفاق سطيف بلقب كأس الجزائر.
وعلى الرغم من فوزه مع وفاق سطيف بلقب الكأس، إلا أن طموحات الجماهير الكبيرة تسببت في إقالته من منصبه، بسبب تراجع النتائج في مسابقة دوري أبطال إفريقيا، ما أجبر إدارة النادي على التضحية به وفسخ التعاقد معه بالتراضي بين جميع الأطراف.
ومن وفاق سطيف إلى مولودية الجزائر، الفريق العريق الآخر الذي أشرف نور الدين زكري على تدريبه خلال عام 2011، إلا أنه لم يفز بأي لقب ليرحل بعد 22 مباراة، ويفضل تجربة حظوظه في مكان آخر، ليتولى منصب المدير الفني لفريق أهلي شندي السوداني، في موسم 2012ـ2013.
وكانت فترة زكري مع الأهلي شندي صعبة ومعقدة للغاية، بسبب كثرة خلافات المدرب مع إدارة النادي، على الرغم من تحقيقه نتائج جيدة في الدوري السوداني، ليرحل عن تدريب الفريق.
وبدأ نور الدين طرق الأبواب السعودية حين تولى تدريب فريق الرائد، موسم 2013ـ2014. وأدار الجزائري 17 مباراة للفريق، فاز في 4 وتعادل مثلها وخسر 9، ليرحل عن منصبه رسميًا بعد السقوط أمام الأهلي بهدف، ضمن منافسات الجولة 21 من دوري المحترفين السعودي.
وواصل زكري الترنح بعد إبعاده عن الوكرة القطري عقب 8 مباريات فقط، بسبب سوء النتائج، ثم قاد وفاق سطيف الجزائري من جديد، إلا أنه استقال من منصبه بعد 7 مواجهات، بعد الهزيمة أمام فريق شباب رياضي بلوزداد.
وشعر المدير الفني أن مهمته في الملاعب السعودية لم تنته، لذلك عاد مرة أخرى لقيادة الفيحاء في نهاية موسم 2018ـ2019، من أجل إنقاذه من الهبوط.
وكان الفيحاء يحتل المركز 14 في ترتيب الدوري بعدما جمع 15 نقطة من 18 مباراة، حيث حقق الفوز في 4 مباريات وتعادل في 3 وخسر 11 مواجهة.
وقاد زكري الفيحاء في آخر 12 مباراة، ليفوز في 5 ويتعادل في 2 ويحقق 17 نقطة، ما أدى إلى رفع رصيده إلى 32 نقطة في المركز 12، بفارق نقطة فقط عن مراكز الهبوط، لينجح في مهمته المستحيلة ويرحل عن تدريب الفيحاء بعد تحقيق الهدف الذي جاء من أجله.
وتكيف نور الدين مع دوره الجديد، ليصبح المدرب الذي ينقذ الفرق من الهبوط، وهو ما حدث مرة أخرى مع فريق ضمك، الذي تعاقد معه بشكل رسمي، نوفمبر 2019، خلفًا للتونسي محمد الكوكي.
وكان ضمك في المركز قبل الأخير بالدوري قبل قدوم زكري، بحصوله على 4 نقاط من 6 جولات، لكنه أنهى الموسم في المركز العاشر برصيد 35 نقطة، لينجح الجزائري في مهمته الثانية ويُبقي ضمك بين الكبار، قبل أن يرحل مطلع عام 2021 بسبب سوء النتائج.
وكما فعلها مع الفيحاء وضمك، أعادها من جديد مع الأخدود في الأمتار الأخيرة الموسم الجاري، حين وصل نور الدين والفريق يحتل المركز الـ 16 برصيد 24 نقطة وسط معركة شرسة لتفادي الهبوط إلى دوري الأولى.
وقاد زكري الأخدود للفوز في مباراتين مع 3 تعادلات، وتلقى الخسارة في مواجهتين فقط، ليكسب 9 نقاط ثمينة ويرفع رصيده إلى 33 نقطة ختم بها الموسم في المركز الـ 15، بفارق نقطة عن الهابطين.