|


لودي.. هزمه ميسي فاستعان بطبيب نفسي

الرياض ـ أسامة فاروق 2024.05.30 | 06:34 pm

مُنقسم بدا المشهد، داخل ملعب ماراكانا التاريخي في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، يوم العاشر من يوليو 2021.. نصف يتقافز من شدة الفرح، والآخر يرزح تحت وطأة الألم.. كأنهما لوحتان لفنان متقلّب المشاعر، تتدلّيان متلاصقتين على حائط رسوماته.
في غرفة ملابس المنتخب الأرجنتيني، انفجر بركان مكبوت في جوف القائد ليونيل ميسي، وفاض خارجه.. شلال حمم السعادة المحبوسة انهمر بعد حزن كاد ألا ينتهي.. لأول مرة لا يغادر ابن روزاريو محفلًا دوليًا منكّس الرأس والراية.. احتضن «ليو» كأس قارته «كوبا أميركا» بقوة.. لثم قاعدتها البنّية المرقّطة مرات عدة، ثمَّ وضعها على الأرض، وشرع في الرقص والغناء مع زملائه من حولها.
ذلك الصخب حامت نسماته حول الغرفة الأخرى الخاصة بالمنتخب البرازيلي، مؤجّجًا حسرات اللاعبين المطرقين الشاردين.. البعض ذرف الدمع السخين، وآخرون أظهروا تماسكًا، إلا زميل بينهم، كان وقْع الخسارة عليه مضاعفًا، لتسبُّبه في الهدف الأرجنتيني الوحيد الذي أحرزه آنخل دي ماريا.
عبارات التشجيع والمواساة في لحظات مثل هذه لا تُجدي، بل تُقرأ أحيانًا كأنها إشفاق.. «لا ليس الآن يا رفاق» يقول رينان لودي، الظهير الأيسر، بغير كلام.. ودّ الصياح بعلو صوته: دعوني وشأني!
خيّم الغمّ على عقل لودي وقلبه، استوطنهما، نخرهما نخرًا، مرت أشهر طويلة ولا تزال لحظة مرور كرة رودريجو دي باول من أسفل قدمه لدي ماريا، تطارده وتنكّد عليه عيشته.. أعادها في رأسه مرارًا وتكرارًا، تخيَّل لو عاملها بطريقة أخرى.. لام نفسه كثيرًا على سماحه لها بالعبور.. كبُرت العقدة بداخله وأحسّ بحاجة مُلحّة إلى علاج نفسي علّه يجد سلواه.
«كان الوضع صعبًا للغاية. بكيت كثيرًا. مرضت في رأسي، وتأثَّر أدائي أيضًا مع أتلتيكو مدريد، فذهبت للبحث عن طبيب نفساني».. يضيف لودي خلال مقابلة مع قناة TNT البرازيلية: «أذكر أنني كنت في طريقي للتدريب، وأردت العودة أدراجي، رغبت في الخروج بسرعة وعدم الإكمال.. لم أشخّصه اكتئابًا، فهذه كلمة قوية جدًا.. قلت لنفسي: أحتاج إلى إعادة ترتيب ذهني».
بالفعل، اتصل الظهير الذي كان آنذاك شابًا في الثالثة والعشرين، بطبيب نفسي تعرَّف عليه أثناء فترة لعبه، بين عامي 2016 و2019، لأتلتيكو بارانينسي البرازيلي، قبل ارتحاله للاحتراف أوروبيًا من بوابة النادي المدريدي.
ومرّة أخرى جهر بما قاله لنفسه: «يجب عليّ الاتصال بذلك الطبيب، أحتاج إلى تنفيس هذا التوتر، وإيصال كل ما أشعر به. وبذلك أزلت العبء عن كتفي، وصرت أقوى».
عندما أفضى البرازيلي بهذا الحديث، 24 مارس 2022، كانت الحادثة مرّ عليها 9 أشهر عانى خلالها الأمرّين، لكنه أكد يومها تحسُّنه نفسيًا، وكشف عن مداومته على التواصل مع طبيبه بانتظام حتى يعبر أزمته.
انتهى الأمر بلودي إلى التعافي.. تتابعت مسيرته مع الأندية، من أتلتيكو، إلى نوتنجهام فوريست الإنجليزي معارًا، ثمّ مارسيليا الفرنسي، وأخيرًا الهلال، أمّا دوليًا فلم تسر المقادير على هذا النحو بعد خطئه الجسيم.
قبل تلك الكوبا بعامين، بدأت المسيرة الدولية للاعب، وخلالهما حضر جميع معسكرات منتخب بلاده التي قلّص فيروس كورونا عددها، أمّا بعد المحفل القاري، وعلى مدى ثلاثة أعوام لا جائحات فيها، فخاض فقط أربع مباريات بقميص «راقصي السامبا»، وتجاوزته قائمة الحدث الأهم، كأس العالم 2022 في قطر.
وأيضًا الكوبا المقبلة، سيشاهدها لاعب الهلال من منزله، بعدما فضّل دوريفال جونيور، مدرب المنتخب البرازيلي، ضم 23 اسمًا آخر غيره، وحتى بعد رفع العدد أخيرًا إلى 26، ظلّ المدافع بعيدًا عن نطاق الاختيار.


لودي.. هزمه ميسي فاستعان بطبيب نفسي