مع زحفه نحو إتمام عامه الستّين، 27 نوفمبر المقبل، لا يزال الإيطالي روبرتو مانشيني، مدرب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، محتفظًا بكتلته العضلية، وقدِّه الممشوق، وتقاسيمه المتناسقة، في حين غزا الشيب شعره وحوَّله إلى غدائر فضّيّة اللون تُرسلها أصابعه بين الحين والآخر، إلى الوراء، بأنفةٍ يظنّها البعض غرورًا.
قليلون من لاعبي كرة القدم استطاعوا، بعد الاعتزال، الحفاظ على الهيئة التي عرفتهم بها الجماهير أثناء الركض، ومانشيني حفر لنفسه موقعًا بين تلك الأسماء، على الرغم من ضعف عزيمته أمام الأطباق التقليدية الشهيرة للمطبخ الإيطالي، خاصة إذا كان طاهيها والدته ماريانا.
نَشَأَ روبرتو، وشقيقته الصغرى ستيفاني، على أكلات طيَّبتها يدا ماريانا داخل منزل والدهما «ألدو»، الذي كان يقطن في بادئ الأمر مدينة ييزي الصغيرة، وسط إيطاليا، قبل انتقال الأسرة إلى روكّاداسبيد، الواقعة جنوب غربي بلاده.
وفي صدارة لائحة تلك الأكلات، تحظى 3 أطباق، تشكّل المعكرونة مكوّنها الرئيس، بخصوصية لديه، وهي «كابيليتي»، و«فينسشيزجراسّي»، و«كَنِلّوني».
ومِثل غالبية بني جلدته، يُولع النجم السابق لبولونيا وسمبادوريا ولاتسيو أيضًا بالبيتزا، التي يُنظر لإيطاليا على نطاق واسع باعتبارها أفضل صانعيها، وهي تشترك مع المعكرونات في احتوائها على مادة الكربوهيدرات، مطلبه الأول.
هذه الأكلات، افتقدها الرجل، أو بالأحرى افتقد جودة صنعتها عندما كان يدرّب مانشستر سيتي في إنجلترا، وعبّر عن ذلك خلال مقابلة صحافية قال فيها: «وجدت نفسي في عالم مختلف تمامًا عن الذي اعتدت عليه.. الجسم بحاجة إلى الدجاج والبيتزا والأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، لكن لا يوجد أي شيء من هذا على الطاولة».
يهتمّ الإيطالي كثيرًا بنوعية الطعام، ما يفسِّر تشديده على النظام الغذائي في معسكرات المنتخب السعودي ووضْعه توقيتات صارمة للوجبات، وتصنيفها إلى إلزامية واختيارية، طبقًا لبرنامج يومي تصل نسخةً منه إلى «الرياضية» كلّما تجمّع الأخضر.
وتسترعي الحالة البدنية لمانشيني وهو بهذا العمر، انتباه وسائل الإعلام الإيطالية، التي رأت أساطير لدوري بلادها، تسقط في وحل البدانة بعد الاعتزال، أمثال الأرجنتيني الراحل دييجو أرماندو مارادونا، والبرازيلي رونالدو دا ليما، وغيرهما، وترصده كاميراتها على الشواطئ مرتديًا ملابس السباحة، بهيئة رياضية لا تعكس تقدّم سنّه، وتعدّها نموذجًا لصورة لاعب كرة خلع حذاءيه لكن لم يخلع اهتمامه بلياقته.
وفضلًا عن الاعتدال في الطعام، حتى ولو كان مغريًا، لا يتخلّى المدرب المتوَّج بكأس أوروبا «يورو 2020» الماضية، عن ممارسة الرياضة، ولا سيما لعبة البادل التي أحبّها منذ أعوامه مع بولونيا، بداية الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي.
وتؤكد صحيفة «لاجازيتا ديللو سبورت» الإيطالية ممارسة مانشيني البادل مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا، وتنظيمه تحديات مع أصدقائه في اللعبة التي يقول عنها: «يستطيع الجميع مزاولتها والاستمتاع بها، من الصغير إلى الكبير».