|


أحمد الحامد⁩
رسائل «واتساب»
2024-07-01
صحيح أن «الواتساب» غيّر وسائل المراسلات، وصار بديلًا عن وسائل تقليدية، إلا أنه خفف كثيرًا من رؤية الأشخاص لبعضهم وتعزيز علاقاتهم.
في الماضي كنت تذهب إلى شخص ما وتلتقيه لتقول له ما جئت من أجله، لكنك أثناء اللقاء تتحدث معه في أكثر من شأن، تتسليان وتضحكان، تسألان عن أحوال أصدقائكما المشتركين. «الواتساب» غيّر من هذه الطبيعة، حوّلها إلى رسائل مكتوبة ورموز تعبيرية جافة، ورسائل صوتية مختصرة. ومع كل محاسن الواتساب الرائعة إلا أنه خفف من المشاعر الإنسانية التي تتميز فيها اللقاءات المباشرة.
قال لي أحد الأصدقاء بعد أن قطعت له مسافة 40 كيلو مترًا: لماذا أتعبت نفسك وقطعت كل هذا المشوار، كان يكفي أن تبعث رسالة واتس! كنت أعلم أن رسالة الواتس كافية لكني أحببت رؤيته. اليوم كالعادة اخترت بعض ما يصلني من رسائل الواتس، واخترت رسالة من أحد الأصدقاء لم أعتده يرسل رسائل فيها حكاية أو طرفة، معظم رسائله عبارة عن فيديوهات لا رابط بينهما. في إحدى المرات أرسل فيديو لشخص وهو يتلقى الضربات من امرأة لسبب غير واضح في الفيديو، ثم أرسل بعد ساعتين فيديو آخر لشيخ يحذرنا من تداول المقاطع التي تصور مشاكل الناس، ثم عاد في اليوم التالي وأرسل مقطع لـ«هوشه» جماعية. لكنه عوضني أخيرًا بهذه الحكاية وعنوانها: توفي بسبب ضربة «شمس» بدقيقتين. «في ظهيرة يوم حار، ذهب أبو سالم باتجاه قفص الدجاج لوضع الماء والطعام، لكنه قبل أن يصل إلى القفص لمح ابنة جارهم الشابة وهي تكنس حديقة بيتهم، نسي أبو سالم أمر الدجاج، وجلس يسترق النظر إلى الشابة مفكرًا بالتعدد، متناسيًا حرارة الطقس، لكن القدر لم يمهله أكثر من دقيقتين حتى أصابته ضربة شمس خاطفة فسقط بلا حراك. نقله ابنه سالم إلى المستشفى، لكنه كان قد مات قبل نقله ـ رحمه الله. أثناء واجب العزاء سأل أحد الجيران ابن المتوفى «سالم»: هل من المعقول أن ضربة شمس لدقيقتين تؤدي لوفاة الإنسان ؟ قال سالم : نعم تؤدي لوفاته إذا كانت عصبية ! قال الجار في نفسه : واضح أن الولد لا يعرف ما يقول لشدة تأثره بوفاة والده. لكن أحد المعزين سمع الحديث فسأل سالم متعجبًا : وكيف تكون أشعة الشمس عصبية ؟ تنهد سالم ثم قال: يا عم.. كان أبي يسترق النظر إلى بنت الجيران فرأته أمي وضربته بمقلاة على رأسه فمات فورًا. تعوذ الرجل ثم حوقل وقال: لماذا إذن تقولون إنه مات بضربة شمس؟ أجاب الابن سالم : ياعم .. أمي اسمها شمس!.