|


أحمد الحامد⁩
نهاية رجل غير رقمي
2024-07-18
إما أن يكون العالم قد تغير في غفلة مني، أو أن عقلي مصاب بتأخر شديد في الفهم. بالأمس قال أحد الزملاء العرب إن شقيقه الذي يعيش في إحدى العواصم الأوروبية اشترى منزلًا بـ 300 ألف يورو، حصل عليها بعد ارتفاع إحدى عملات البتكوين التي اشتراها قبل 4 سنوات بـ 5 آلاف يورو!. أحتاج إلى من يشرح لي ما معنى عملة لا سند لها، وتستطيع أن تشتري وتبيع بها، وهل وجود عملات لا سند لها ولا تعرف من وراءها يُسقط كل ما تعلمناه في الاقتصاد؟ لا أفهم واقع العالم الحقيقي مع وجود الذكاء الاصطناعي الذي ينافس الإنسان، ولمصلحة من، شاهدت إحدى المذيعات على إحدى القنوات وهي تطلب من الذكاء الاصطناعي أن يقترح لها مواضيع حلقتها، فأعطاها ثلاثة مواضيع مناسبة جدًا، وفهمت فورًا أن فريق المعدين في البرنامج سيغادر فورًا، وسيضطر للبحث عن عمل آخر، لأن تطبيقًا ذكيًا لا تتجاوز قيمة اشتراكه العشرة دولارات شهريًا حل بديلًا عنهم، وعن رواتبهم، حتى مقدمة البرنامج التي بدت سعيدة سوف تغادر البرنامج بعد أن تحل مذيعة إلكترونية بديلة عنها، مثلما حل المُعد الإلكتروني بديلًا عن زملائها. أفهم أن الحياة تتطور، لكن سرعة التطور أكبر بكثير من استعداداتنا، وإذا كان كل البشر متماشين مع التطورات فأنا متخلف عنها، وأرى أنها تصب في مصلحة الأقلية التي تملك التقنيات على حساب وظائف الناس، وحساب الذين لا يعرفون التماشي مع التقنية البعيدة عن فهمهم، ومن الواضح أن التطور السريع سوف يقسم البشر قريبًا إلى قسمين، قسم تقني وآخر خارج عن الزمن. قال لي أحد المختصين بالتقنية بعدما قلت له إني رجل «كلاسيكي» وأحب التحدث مع البشر، قال إني سأجد صعوبة في المستقبل، لأن الشركات المصنعة للذكاء الاصطناعي تعمل على تقليص اليد البشرية، وإن تطور التقنية في تضاعف، وما أراه اليوم من تقنيات لن تكون شيئًا يذكر بعد 10 سنوات. طالما حلمت بمزرعة تملؤها الأشجار والنباتات والحيوانات، ربما جاء الوقت الذي أبحث فيه عنها، أذهب إليها بإرادتي خيرًا من الذهاب إليها منسحبًا من عالم رقمي لا أفهم فيه. ربما سيزورني في مزرعتي الذين تكيفوا مع العالم الرقمي لشراء بعض الخضار والفواكه، لا بد أنهم يريدون تجربة الطعام الطبيعي، لأنهم حينها يأكلون طعامًا لا يشبه طعامنا اليوم، قد يشبه طعام رواد الفضاء الذي يوضع في عصارات تشبه معجون الأسنان، لا تستبعدوا الفكرة، فمن استطاع استبدال آلاف الوظائف بتطبيقات تقنية، لن يعجز عن تسويق فكرة الطعام في العصارات.