|


ديابي.. متواضع.. يعشق التسوق.. ولا ينسى ماضيه

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري 2024.07.21 | 04:32 pm

في الدائرة الـ 19، التي تقع على تخوم باريس العاصمة الفرنسية، ويقطنها المهاجرون الأفارقة والعرب، وتمثل الوجه الآخر للمدينة، التي تعد موطن الموضة والأزياء، حيث ينهش الفقر والجريمة والمخدرات الحي، وعلى الرغم من هذه المآسي، إلا أنه كان شاهدًا على مولد الكثير من النجوم في مختلف الفنون من الغناء والتمثيل والرياضة، وموسى ديابي، مهاجم فريق الاتحاد الأول لكرة القدم، أحدهم، ومفخرة الحي وسكانه في مجال كرة القدم.
في 7 يوليو 1999، ولد موسى ديابي في باريس العاصمة الفرنسية، لعائلة مسلمة من الطبقة المتوسطة، تنحدر أصولها من دولة مالي، بعد أن هاجر والدا ديابي من بلدهما الأم نحو المغرب، ومن ثم إلى فرنسا.
يشتهر في الحي الفقير نادي الترجي للهواة، الذي كان منبعًا للكثير من نجوم كرة القدم الفرنسية، مثل ديابي، ويوسف فوفونا، نجم موناكو، ويدير النادي الفرنسي مراد جدي، صاحب الأصول العربية، الذي كان يهدف إلى منح أطفال الحي الصغار فرصة ممارسة هوايتهم المفضلة، والابتعاد عن عصابات المخدرات، وأعمال السلب والنهب، التي تجد ضالتها في تجنيد أطفال الحي الصغير.
يقول جدي عن بدايات ديابي: «كرة القدم بالنسبة لي هي هدية ميسي، لم يتدرب على المراوغة، لقد ولد بها موسى، هو نفسه، واكتسب مهاراته منذ الولادة، عندما كان صغيرًا، كان بالفعل قويًا وعدوانيًا وحاذقًا حسنًا، وربما كان فوق ذلك، في الواقع. لم نهتم بصغر حجمه، لقد كان طفلًا خاليًا من الهموم، ويحب كرة القدم فقط، ولكن قبل كل شيء، كان بالفعل شخصًا متواضعًا بطبيعته».
لم يستغرق موسى ديابي وقتًا طويلًا حتى يتم ملاحظته من قبل بعض الأسماء الكبيرة، وكان باريس سان جيرمان هو صاحب الكلمة الأخيرة في عام 2013، عندما كان عمره 13 عامًا. نظرًا لصغر حجمه، استغرق الجناح الفرنسي وقتًا للعثور على مكان في مركز التدريب الباريسي. لقد انفجر تمامًا في عام 2016، عندما أصبح بطل فرنسا مع فريق تحت 17 عامًا.
في الموسم التالي، اتخذ فتى باريس خطوة جديدة، ولعب في دوري الشباب، في هذه المسابقة، تألقت المواهب الشابة من إيل دو فرانس بتسجيل ثلاثة أهداف وتمريرة حاسمة، أداء رائع سمح له بتوقيع عقده الاحترافي الأول مع باريس سان جيرمان في سبتمبر 2017.
في موسمه الأول لاعبًا محترفًا في الفريق الأول، كافح ديابي للعثور على مكان تحت قيادة الإسباني أوناي إيمري، مدرب الفريق السابق، إلا أن النادي قرر إعارته خلال شتاء 2018 إلى الدوري الإيطالي، ونادي كروتوني.
لم يتأقلم الفتى الباريسي مع الأجواء في إيطاليا، وكانت تجربة فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعد أن شارك مع كروتوني في مباراتين فقط، لكنه يرفض وصف تجربته الإيطالية بالفاشلة، وعند سؤاله عن ندمه على خوضها أجاب: «لا، على الإطلاق، لن أقول إن إعارتي إلى كروتوني كانت فاشلة، لقد كانت تجربة رائعة، لقد دربني هذا الفريق عقليًا وجسديًا، أعمل كثيرًا بدنيًا وتكتيكيًا».
بعد عودته من تجربته القصيرة في إيطاليا كان الفضل للألماني توماس توخيل، مدرب باريس حينها، في منح ديابي فرصة المشاركة بصفة أساسية، ولم يخيب الأخير آماله، وتألق في موسمه الأول، بعد إحرازه أربعة أهداف، وصنع سبع تمريرات حاسمة في 34 مباراة بجميع المسابقات، لم تفوت بعدها إدارة النادي الفرنسي العرض المغري القادم من ألمانيا، الذي يطلب ود الأسمر النحيل.
في يونيو 2019، انتقل ديابي إلى باير ليفركوزن الألماني مقابل 15 مليون يورو، وكتب قصة نجاح جديدة مع العملاق الأحمر، محا بها فصول فشل تجربته الإيطالية، ولم ينته الموسم الأول إلا والعروض تنهال على ليفركوزن من كل حدب وصوب، رغبة في خطف الجناح الطائر، وكان النصر السعودي أحدهم، إلا أن رياح الفتى الصغير مالت نحو إنجلترا، وقرر الرحيل إلى نادي أستون فيلا في صفقة قدرت بـ 34 مليون جنيه إسترليني.
واصل صاحب الأصول المالية تألقه بقميص «الفيلانز»، وشارك معه في 54 مباراة في جميع البطولات، وسجل 10 أهداف، وصنع تسعة، ما جعل قيمته السوقية تقدر بنحو 55 مليون يورو، وفق «ترانسفير ماركت» المختص بالأرقام والإحصاءات.
يعيش ديابي حياة عائلية هانئة مع زوجته حواء، ذات الأصول الإفريقية، التي أنجب منها طفلين، ويصف حياته العائلية بأنها الأهم بالنسبة له، ويقول: «تظل العائلة مهمة جدًا بالنسبة لي، لا يوجد شيء أفضله أكثر من قضاء الوقت معهم: واللعب مع أطفالي».
يعشق الفتى الأسمر التسوق بجنون، ويقضي أحيانًا الكثير من الساعات متجولًا في الأسواق، مستمتعًا بممارسة هوايته وشغفه، بعيدًا عن صخب كرة القدم، ويقول عن ذلك: «بمجرد أن أرى شيئًا يعجبني، لا أتراجع عن شرائه، وفي الحقيقة، إنها ليست مسألة مالية، لقد كنت دائمًا هكذا، بمجرد أن أقع في حب شيء ما، أبذل قصارى جهدي للحصول عليه، أنا أستمتع بالتسوق، وأحيانًا أستطيع قضاء ساعات هناك».
لا يعرف الكثيرون سر إصرار النجم الفرنسي على ارتداء الرقم 19 في جميع الفرق، التي لعب معها، وهو الرقم المفضل بالنسبة له، الذي يرمز إلى الدائرة الـ 19 في الحي الذي نشأ فيه وكان سببًا في بروز موهبته، يصف ديابي مشاعره لمكان النشأة بقوله: «أحب هذا الرقم لأنني أريد أن أظهر لأصدقائي وعائلتي أنني أفكر بهم دائمًا، ولم أنسهم، وفي كل فرصة تتاح لي زيارتهم أذهب إليهم».
استمر ديابي في وفائه لحي البدايات بعد أن اعتاد على توجيه الدعوة لرفاقه في الحي ولاعبي نادي الترجي، الذي برز فيه خلال المباريات التي تقع في باريس، إضافة إلى تنظيم البطولات، وتوزيع وجبات الطعام والأطقم الرياضية على أبناء النادي.
في المدينة الساحلية لن يجد الفتى الأسمر صعوبة في التأقلم مع أصفر جدة، وهو محاط بكوكبة من مواطنيه، الذين سبقوه، أمثال كريم بنزيما، وأنجولو كانتي، والمدرب لوران بلان، وستكون مهمته الأولى إقناع ديديه ديشان، مدرب الديوك، بأنه يستحق الفرصة على غرار كانتي.