|


حمد الله.. سطوة هدّاف يأسر الجماهير باغتيال المنافسين

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري 2024.07.24 | 02:25 pm

قلة من اللاعبين من يستأثرون برصيد لا ينكفئ من المعجبين في المدرجات، تتغير ألوان قميصه، لكنه يبقى عصيًا على النسيان في كل مرة، يسطو على القلوب بحضوره الآسر في رصيد الهدافين وكاسري الأرقام القياسية، ذلك الحال الذي لم يتغير على مدى الأعوام الستة، التي قضاها النجم المغربي عبد الرزاق حمد الله متنقلًا بين ملاعب الدوري السعودي للمحترفين.
تتغير خارطة الدوري واستقطاباته الكبرى، وتتقلّب موازين قواه بنجوم من العيار الثقيل، لكن حمد الله يبقى ثابتًا يراهن عليه جمهوره في كسب النقاط،وتجريع الفرق الأخرى مختلف أصناف الأهداف، منافسًا بقوة على لقب الهداف، حتى وإن كان الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو حاضرًا.
ينضم الهداف المغربي، الذي عرف عنه كثرة الترحال والتجوال بين ألوان الفرق، ليعود أخيرًا إلى النادي العاصمي «الشباب»، بعد نهاية مشوراه في الساحل الغربي للسعودية مع الاتحاد، التي كانت واحدة من أفضل فتراته خلال مسيرته الطويلة.
سيفرض ابن مدينة آسفي الساحلية حضوره لموازنة الأرقام القياسية للدوري السعودي، معيدًا حساباتها، التي استقرت خلال العقدين الأخيرين طويلًا، فمنذ وصوله في العام 2018 كانت الأرقام القياسية تتساقط الواحد تلو الآخر، حتى رقم حمزة إدريس، مهاجم الاتحاد السابق، الذي ظل صامدًا لمدة 19 عامًا لم يحتج المغربي إلى أكثر من موسم واحد حتى كسره وربطه باسمه، ولم يجرؤ عليه سوى الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو، قائد النصر، الذي تجرأ بحضوره الاستثنائي في كل زمان ومكان على كسره الموسم الماضي.
سيراهن حمد الله في استقطاب الجماهير على مشاكسته الهجومية للشباك، يترك بصمة وأثرًا لا ينسى في كل بلد ومدينة تطأها قدماه، فتهتف الجماهير باسمه وتظل ذكراه خالدة مهما طال الزمن، معززًا عنفوانه الدائم رأس حربة تردد وصف الراحل أحمد شوقي أمير الشعراء في قصيدته الشهيرة «وكن رجلًا إن أتوا بعدهُ، يقولون مرّ وهذا الأثر».
ابن الـ 33 عامًا استوطن قلوب جماهير جميع الفرق، التي ارتدى قمصانها من «أولمبيك آسفي» فريق البدايات في بلاده، إلى النرويج، وصولًا لحدود الصين، مرورًا بقطر، وحتى حطّ رحاله في السعودية قبل نحو ستة أعوام، كانت البداية من النصر الأصفر العاصمي الذي شغفت جماهيره بحب "ابن الأطلسي" وتغنت فيه بالقصائد الغنائية والأشعار، وهم الذين لطالما راودهم حلم حضور مهاجم ينسي الإدارات المتعاقبة وجماهير الأصفر المتعطشة أعواما من الذكريات، التي شاخت، مترقبة ماجدًا آخر، ليوقظهم من أحلامهم المرهقة، ويلفت أبصارهم نحو واقع يرسم مستقبل «ذكريات واعدة» يتسيد مشهدها المغربي عبد الرزاق حمد الله.
سيصنع عهدًا من اللحظات الملاح والليالي الحالمة، يكون فيها على الأعناق مع هتافات العشاق، وتنهمر الحروف مشيدة أسطورته، ويتسابق المناصرون على الهداف المغربي طوال ثلاثة أعوام وأيام أُخر، ليضع الزمن نهاية لرواية حمد الله والنصر، وينسكب حبر السطر الأخير في كتاب جمع الأضداد، التي تشكلت على صفحاتها ملامح القوة والضعف، الحضور والغياب، الأضواء والرحيل، قبل أن تعلن الإدارة النصراوية فسخ عقده، مخلفًا انقسامًا كبيرًا دام عدة أسابيع حول صواب القرار، الذي لم يمر مرور الكرام على الساحة النصراوية.
ستتوالى الأيام، وتتكشف خلالها الكثير من الأمور، التي حشدت الخصوم، وأحرق فيها الكثير من الأوراق، ولا تحسم فصولها إلا بين أروقة المحاكم بعد قضية التسجيلات الشهيرة، التي أسفر الحكم فيها بعد مد وجزر إلى إيقاف حمد الله أربعة أشهر، وتغريمه 300 ألف ريال قبل أن يعلق مركز التحكيم الرياضي عقوبة إيقاف المغربي، ويعلن نادي الاتحاد تعاقده مع الأخير في رحلة جديدة.
في الساحل الغربي، لم تتغير الأحوال الفنية كثيرًا لدى المغربي، الذي يتجدد جوعه للأهداف كل 90 دقيقة، فلم تنقطع عادته عن زيارة الشباك، ولم يتبدل أي شيء في ظهوره داخل الملعب، يسجل كما تعهده الجماهير، ومثلما يخشاه المنافسون، منهيًا الموسم هدافًا للدوري السعودي للمحترفين برصيد 21 هدفًا، وبطلًا للدوري، وكأس السوبر الغائبة عن خزائن أصفر جدة أكثر من 13 عامًا.
يعود المغربي إلى العاصمة السعودية مجددًا، حيث يألف أجواءها الكروية المشحونة، وحيث يجيد تسطير أجمل الاحتفالات بعد كل رمية تهز شباك الخصوم الواحد تلو الآخر، لكنه سيكون هذه المرة على موعد متجدد مع التاريخ، ليواصل كسر الأرقام بقميص الليث الأبيض، ويكون على قدر عزم الجماهير، التي هللت واستبشرت بقدوم «الساطي» ليواصل سطوته على القلوب، ويشيد له قصورًا على أثمن أراضي العاصمة.