|


جابرييلزينيو «الرجل الصاروخي».. أوفى بوعد الذهب ورقص

السباح البرازيلي جابرييلزينيو، يحتفل بعد فوزه بالميدالية الذهبية في سباق نهائيات ذهبية S2 200 متر سباحة حرة للرجال في دورة الألعاب البارالمبية باريس (الفرنسية)
باريس ـ الفرنسية 2024.09.03 | 04:00 pm

لم يشأ السباح البارالمبي البرازيلي جابرييل جيرالدو دوس سانتوس أراوجو، المُلقب بـ «جابرييلزينيو» أن تمرّ مشاركته في الألعاب البارلمبية في باريس من دون كتابة التاريخ، وحفر اسمه بأحرف من ذهب في سجل الألعاب.
وأوفى السباح الموهوب بوعده قبل رحلة سفر طويلة إلى فرنسا: «اسمي جابرييلزينيو وسأفوز بثلاث ميداليات ذهبية في الألعاب البارالمبية في باريس». كانت تلك كلمات الشاب البالغ من العمر 22 عامًا في حضرة لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس البرازيلي خلال احتفال رسمي في برازيليا، قبل أن يتلقى قبلة على جبينه من لولا.
وضع جابرييليزينيو نصب عينيه إضافة ثلاث ميداليات ذهبية إلى رصيده البارالمبي الناصع الذي افتتحه في طوكيو قبل ثلاثة أعوام بذهبيتين وفضية، فظفر بالذهب في سباقي 100 م ظهرًا، ثم 50 م ظهرًا للفئة الثانية، قبل إضافة ميدالية أخرى من المعدن النفيس في 200 م حرة.
لم يخف الرياضي المولود من دون ذراعين، وبساقين ضامرتين رضاه بعد تألقه في حوض السباحة في قاعة «أرينا لا ديفانس» بعد سباق 200 م حرة، وقال: «إنه شعور بأن المهمّة قد أُنجزت، لأني أتيت إلى باريس للفوز بالذهبيات الثلاث».
ولم يكتف السبّاح البالغ طوله 1.21 م، بنيل إعجاب الجمهور الحاضر، وأن يكون الشغل الشاغل لوسائل الإعلام، بل انتزع حتى إشادة وثناء من منافسيه، وأبرزهم الروسي فلاديمير دانيلينكو، صاحب الميدالية الفضية، الذي وصف جابرييليزينيو بالـ «رجل الصاروخي».
أبدى جابرييليزينو سعادته بالوصف الذي أطلقه عليه منافسه، وعلق ضاحكا: «أنا سعيد للغاية، وآمل في أن أستمر كوني الرجل الصاروخي، وكما يقولون، الصواريخ ليس لها أجنحة، لذا دعونا نستمر في الإقلاع».
وأضاف السباح البرازيلي: «أشعر وكأني رجل صاروخي، والصواريخ لا تتجه إلى الخلف، بل تتجه دائمًا إلى الأمام».
يُعاني «جابرييل الصغير» من الفوكوميليا، وهي متلازمة جينية نادرة جدًا تشمل العديد من التشوّهات الخلقية، إذ يتوقف نمو أطراف الطفل أثناء الحمل.
كان الأمر ليحلّ كارثة عليه لولا حُسن تصرّف والديه، وقالت والدته إينيدا ماجدا دوس سانتوس، وهي معلمة متقاعدة: «اكتشفت حالته في الشهر الخامس من الحمل، كان الأمر بمثابة صدمة، بدأت القراءة عن هذا الموضوع لأكون مستعدة لتقديم أفضل رعاية ممكنة له، لأننا أردنا أن يعيش طفولة طبيعية، أخذناه إلى نادٍ يتوفر فيه حوض سباحة، ومع بلوغه الرابعة، أو الخامسة من عمره، كان يعرف بالفعل كيفية السباحة، على الرغم من كونه بلا ذراعين».
ومع بلوغه الـ 13 من العمر عام 2015، شارك أراوجو للمرة الأولى في منافسات السباحة خلال بطولة مدرسية وفقًا لوالدته، التي تابعت: «أشركه أحد أساتذته في البطولة من دون استشارتي، وفاز بخمس ميداليات، منذ ذلك الحين، لم يتوقف».
ولتخطّي الصعوبات يستخدم جابرييليزينيو أصابع قدميه لاستعمال الهاتف، وعصا القيادة في ألعاب الفيديو الخاصة به، وهو شغفه الكبير الآخر إلى جانب السباحة، ولتناول الطعام، ينحني لالتقاطه بفهمه، ثم يضع فرشاة أسنان كهربائية بين أصابع قدميه لتنظيف أسنانه.
ليس الأمر سهلًا بكل تأكيد، لكنه يزيده قوة وفقًا لما قاله: «لا أستطيع أن أحصي العقبات التي يتعيّن عليّ التغلّب عليها كل يوم، لكنها تجعلني أقوى».
ولم يخف مدربه فابيو بيريرا أنتونيس إعجابه به، فهو يصفه بالـ «أعجوبة»: «أول ما أبهرني هو براعته خارج حوض السباحة، فهو يتمتع بتنسيق حركي رائع وذكي للغاية يُمكنّه من التغلب على كل هذه العقبات بشكل يومي».
وأكمل أنتونيس: «بمجرّد أن رأيته في الماء، اكتشفت كل إمكاناته، لديه عقلية الأبطال ويعرف كيفية التعامل مع الضغط».
يتموّج جابرييلزينيو في الماء مثل الدلفين، مستخدمًا حركات حوض الورك، وأتقن هذه التقنية مع أنتونيس وطوّرها من خلال جلسات تدريب طويلة ست مرات في الأسبوع، من الإثنين إلى السبت، وذلك في مدينة جويز دي فورا في ولاية ميناس جيرايس في جنوب شرق البرازيل.
كما أنه يؤدي، داخل وخارج حوض السباحة، تمارين بناء القوة، وتحديدًا لعضلات أسفل الظهر والبطن وقاع الحوض.
وبرقصة النصر احتفل البرازيلي بانتصاراته بحركة مميزة، إذ يؤدي بعض حركات الرقص على المنصة، على غرار ما كان يفعله العداء الجامايكي أوسين بولت، ملك سباقات السرعة السابق.
ولفتت حركات رقصه هذه أنظار المشاهدين في مختلف أنحاء العالم، فأصبح أحد نجوم الألعاب البارالمبية، وقال: «الرقص وسيلة لتمثيل جميع المشجعين البرازيليين، بما أنهم يهتفون لي أثناء وجودي في الماء، فأنا أمثّلهم في خارجه وأريد أن أرى الجميع يرقصون في باريس أيضًا».
بدأ جابرييلزينيو بهذه الطقوس خلال أولمبياد طوكيو عندما كان يبلغ من العمر 19 عامًا، لكنه وقتذاك تلقى خبر وفاة جده الملقب بـ«براتينيا» أي الفضة الصغيرة، الذي كان مقربًا منه كثيرًا، قائلًا: «كنت أتدرب، وكنت بالفعل في المرحلة النهائية، ثم جاءت هذه الضربة القوية».
وعلى الرغم من ذلك، بدأ بحصد الميداليات في طوكيو بفضية سباق 100 م ظهرًا الفئة الثانية، وهي واحدة من الفئات المخصصة للسباحين الأكثر إعاقة.
وصعد جابرييليزينيو إلى قمة منصة التتويج بعد ذلك مرتين في طوكيو، بحسمه سباقي 50 م ظهرًا، و200 م سباحة متنوعة الفئة الثانية، وفي كل مرة كان يحتفل برقصة مميزة.