|


رياض المسلم
طائرات الموسم وحلم ابن فرناس
2024-09-13
لو علم عباس ابن فرناس أن الطائرات سيكون تأثيرها على الأرض أكثر من السماء لما رمى بنفسه من فوق سفح الجبل، وتجنّب سخرية التاريخ، ولو قدّر له أن يكون بيننا ويشاهد طائرات موسم الرياض تعبر برًا مسافة تتجاوز ألف كيلو متر والتظاهرة الكبيرة التي نعيشها لوفّر على نفسه محاولة الطيران.
فكرة نقل الطائرات الثلاث من جدة إلى الرياض اكتملت فيها أركان النجاح، وجنينا منها عوائد «غير مسبوقة» على الصعيد التسويقي والسياحي والاقتصادي والترفيهي وقبل ذلك تفاعل الشعب ممن مرت عليهم الطائرة أو متابعوها عبر كافة المنصات..
نقل الطائرات برًا كشف لنا بساطة الشعب السعودي في القرى والمحافظات التي مرّت بها، وفيديو رقصة الرجل الستيني الشعبية أمام موكب الطائرات، والطفل ذو الخمسة أعوام يضرب التحية لها تلخص واقع المجتمع السعودي العاشق لوطنه ومنجزاته..
اختيار البرّ لنقل طائرات بوينج 777 الثلاث وصلت أصداؤه حتى لمصنعها في سياتل، فلم يتخيّل آل بوينج أن طائراتهم ستكون محط أنظار العالم وهي خارج الخدمة، لكن السعوديين أعادوا لها مجدها في السماء وكرموها في الأرض وأي تكريم حظيت به..
الطائرات الثلاث تستحق أن يطلق عليها لقب «طائرات الأحلام» وليس بوينج 777، فكان حلمًا حققه السعوديون بجدارة ودخلوا موسوعة «جينيس» من جديد..
المشهد العام لا يتلخص في طائرة تحملها مقطورة ضخمة وتجرها شاحنة، بل هناك مشاهد عدة وعبر نستفيد منها، فكم من شخص تعّرف على محافظات وقرى سعودية لم يكن يعرفها من قبل وتاريخها وحضارتها وبساطة أهلها ولنا في محافظة عفيف خير مثال، فكان ترويجًا سياحيًا لتلك المحافظات، وستكون مزارًا مستقبلًا للسياح من باب «من هنا مرت الطائرات الثلاث»..
طريق الحجاز القديم الذي هجره المسافرون برًا ولا يعرفه الكثير بعد افتتاح طريق الحجاز الجديد أصبح معروفًا لديهم الآن، وفتح قصص وحكايات سجلها الطريق الشهير في ماضٍ أحياه مرور طائرات الموسم..
ومن الفوائد المكتسبة من نقل الطائرات برًا، برهان أن الطرق في السعودية متينة وتتحمل تلك الأطنان وأكثر من ذلك، فضلًا عن قدرة شركات النقل السعودية وإمكاناتها العالية..
الأمر لا يقتصر على الطائرات بل الحفاوة والكرم التي تستقبل موكبها وإصرار أهالي وسكان كل بقعة مروا بها على تقديم الضيافة ولو كان بيدهم لأدخلوا الطائرات إلى فناء منازلهم والاحتفاء بها..
الصور التي تصل من طريق الطائرات البريّ تحيّر أعتى لجان التحكيم في اختيار الأفضل من بينها لكن الصورة الكاملة تلخص المشهد في «الله اللي عزا ما لأحد منه».