|


عبد العزيز المريسل
أي فتى أضاعوا يا سالم!
2024-10-20
لا يوجد شخصٌ محبٌّ للكرة السعودية، أو من جماهير الكرة السعودية إلا وكان محبطًا من خسارة منتخبنا سبع نقاطٍ من أصل تسعٍ على أرضنا وبين جماهيرنا في تصفيات كأس العالم 2026! ربما نتقبَّل خسارتنا من اليابان، كونها جاءت أمام منتخبٍ قوي ومرشِّحٍ مثلنا، لكننا لا نتقبَّل خسارة أربع نقاطٍ من تعادلين مع منتخبَي إندونيسيا والبحرين، مع فائق احترامي لهما، كون الفوارق الفنية تصبُّ في مصلحتنا، وهما أيضًا الحلقتان الأضعف في المجموعة.
نعم، لدينا مشكلاتٌ إداريةٌ وفنيةٌ، ويكفينا ما أحدثه مانشيني من تخبطاتٍ فنيةٍ، ومع ذلك كان في الإمكان أن تتلاشى هذه المشكلات مع النتائج الإيجابية، فلو حققنا تسع نقاطٍ من أصل 12، لكنا نتغنَّى باللاعبين، وربما بمانشيني أيضًا، وما كنت لأستغرب لو كرَّر ما فعله مارفيك، الذي كان يصر على أسماءٍ معيَّنةٍ حتى لو لم تكن أساسيةً مع فرقها، أو بعيدةً عن مستواها إلى أن حقق التأهل.
كان في الإمكان أن يحدث ذلك لو لم يجامل مانشيني لاعبًا مثل سالم الدوسري، يفتقد مهارة تنفيذ ركلات الجزاء! كان في الإمكان أن يحدث ذلك لو أن سالم نفسه تحدَّث مع المدرب بعد إضاعته ركلة الجزاء أمام إندونيسيا بأنه لا يجيد هذه المهمة، وطلب تحويلها للاعبٍ آخر، لكنْ سالم لم يتَّعظ من درس بولندا، ولا من درس إندونيسيا، وتقدم لركلة جزاء البحرين، وأمام حارسٍ ربما يتجاوز وزنه 90 كيلوجرامًا، وفشل في التسجيل «ليس لأنه لم يوفَّق، بل لأنه لا يعرف تنفيذ ركلات الجزاء».
كرة القدم لعبةٌ جماعيةٌ نعم، لكنْ ركلة الجزاء لا عليها من عملٍ إداري وفني ومستوى، وتسجيلها والفوز يرفعان المعنويات، والفوز يجر فوزًا آخر، ويُنسي الأخطاء ولو مؤقتًا.
وجَّه كثيرٌ من النقاد الرياضيين اللوم لمانشيني وسالم على ركلة الجزاء الضائعة، وشارك معظم الجمهور السعودي في ذلك، ولا لوم لهم، خاصَّةً ما تم توجيهه لسالم الدوسري، كونه أهم ورقةٍ في منتخبنا، ونعوِّل عليه كثيرًا لما يملكه من إمكاناتٍ، جعلت كثيرًا من النقاد يطالبون مانشيني بتغيير طريقة اللعب التي يلعبها لتتناسب مع إمكانات سالم حتى يقدم كل ما لديه.
بعد أن صُدم الجمهور السعودي بخسارة نقطتين في لقاء البحرين، في «كربون» من خسارة نقطتين أمام إندونيسيا، توقع الجميع أن يظهر قائد المنتخب بكل شجاعةٍ في تصريحٍ، أو عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي التي يخرج فيها بشكلٍ شبه يومي، ويقدم اعتذاره كقائدٍ، ويؤكد أنهم سيعوِّضون في المرحلة المقبلة، لكنْ الصدمة كانت أكبر بأن هذا القائد لم يتحمَّل النقد والعتب، وقام يُذكِّر ببعض أهدافه التي سجلها مع المنتخب عبر حسابه في «إنستجرام»!
# لم يكتفِ قائد منتخبنا بذلك، بل واحتفل أيضًا بالهدف الذي سجله في مرمى الفيحاء بالدوري عبر صورةٍ، يحمل فيها جائزة أفضل لاعبٍ آسيوي قبل عامين، والكارثة أنه زاد في ذلك بوضع إصبعه في إذنه كإشارةٍ إلى أنه لا يهتم بالانتقادات التي طالته، وعتبت عليه لإسهامه بشكلٍ كبيرٍ في ضياع أربع نقاطٍ أمام إندونيسيا والبحرين بسبب عدم إجادته تسديد ركلتي الجزاء.
تناسى كابتن منتخبنا الساعات الطويلة التي حضر قبلها الجمهور ليؤازره هو وباقي اللاعبين، وبدلًا من الاعتذار، تجاهل عتبهم وانتقادهم بوضع إصبعه في إذنه، وسار مع الطرح الهلالي بأن هناك مَن يحارب سالم لأهدافٍ تتعلق بالتنافس المحلي!
مَن نصح سالم الدوسري بتذكير الوسط الرياضي بأهدافه، ونشرها؟ الوسط الرياضي يعرف إمكاناته جيدًا.
مَن نصح سالم بأن يذكِّرنا بجائزته الآسيوية؟ نحن نعرف قيمته الفنية، لذا كان العتب عليه كبيرًا.
إذا كان سالم الدوسري يعتقد أن أهدافه مع الهلال، أو صناعتها في الدوري الرد على منتقديه، فهو واهمٌ. نحن نعلم أنه سيسجل وسيصنع، بل ونعلم أن الهلال الأقرب لتحقيق الدوري حتى قبل بدايته، وأنه أحد المرشحين لتحقيق النخبة الآسيوية والمنافسة في مونديال كأس العالم للأندية، لذا لا نحتاج إلى هذا الرد.
إذا أراد سالم أن يرد علينا جميعنا فعليه أن يرينا ماذا سيقدم أمام أستراليا وإندونيسيا في المباراتين المقبلتين بالتصفيات، فهذا المحك الحقيقي.
أمَّا في الهلال، فجيسوس الذي كان غير مرغوبٍ فيه، تحوَّل إلى أسطورةٍ تدريبيةٍ، ولودي الذي يريدون تغييره، صار روبرتو كارلوس، بينما أصبح محمد القحطاني اللاعب الشاب ورقةً مؤثرةً، وحتى الحارس محمد الربيعي الذي لم يلعب منذ شهورٍ طويلةٍ تحول إلى إخطبوط.
وعليه، أنصح سالم بألا يذهب خلف طرح الكثيرين من الإعلام الهلالي، لأنهم قد يسهمون في جعل نهايته الدولية غير جيدةٍ عطفًا على إمكاناته، وإن كنت أعتقد أنه انتهى دوليًّا. ويا رب، تكون قراءتي خاطئةً.