|


زيادة شعبية السيارات الجديدة منخفضة الأسعار

منظر جوي يظهر سيارات فولفو متوقفة بميناء في مقاطعة جيانجسو شرقي الصين، 23 أكتوبر 2024 بعد أن حفضت الشركة توقعات مبيعاتها بشكل كبير لهذا العام (الفرنسية)
ديترويت ـ الألمانية 2024.10.23 | 04:31 pm

لو كانت ميشيل تشوملي أرادت شراء سيارة رياضية متعددة الأغراض «إس يو في»، جديدة ذات السعر الباهظ والاختيارات الكثيرة، لفعلت ذلك، ولكن عندما آن أوان استبدال سيارتها طراز شيفروليه بليزر، ذات الدفع الرباعي، التي دفعت فيها نحو 40 ألف دولار قبل ثلاثة أعوام، اختارت تشوملي سيارة أصغر، وأقل ثمنًا.
واشترت تشوملي سيارة الدفع الرباعي المدمجة شيفروليه تراكس في يونيو الماضي، لتنضم بذلك إلى عدد متزايد من المستهلكين الذين أقبلوا على شراء سيارات في نطاق دون المتوسط، يتراوح بين 20 ألف دولار و30 ألف دولار، وذلك هو القطاع الأسرع نموًا في سوق السيارات الجديدة في أمريكا.
وذكرت الممرضة تشوملي، التي تبلغ من العمر 56 عامًا وتقيم خارج أوكسفورد بولاية أوهايو قريبًا من سينسيناتي: «لست بحاجة إلى هذه السيارة الكبيرة، وإلى دفع كل هذه الأموال على الوقود».
ويقول محللو صناعة السيارات إن «التحول في القدرة على تحمل التكاليف» بدأ يتأصل، ويقود هذا الاتجاه أشخاص يشعرون بأنهم لم يعودوا يستطيعون شراء سيارة جديدة تكلفهم ما يقرب من متوسط سعر البيع حاليًّا، الذي يربو على 47 ألف دولار ـ في قفزة تزيد بواقع 20 في المئة عن المتوسط قبل كوفيد 19».
ومن أجل شراء سيارة جديدة بهذا السعر، يتعين على المشتري العادي إنفاق 737 دولارًا شهريًّا، إذا ما تلقى تمويلًا بمتوسط سعر الفائدة الحالي على القروض، والبالغة 7.1 في المئة، لمدة تقل قليلًا عن ستة أعوام قبل أن يتم سداد ثمن السيارة، وذلك وفقًا لموقع «إدموندز دوت كوم» لأبحاث وأسعار السيارات.
وهذا أمر بعيد المنال من الناحية المادية بالنسبة لكثيرين.
وعلى الرغم من ذلك، هناك زبائن آخرون، مثل تشوملي، يستطيعون تحمل العبء المادي، غير أنهم قرروا أن الأمر لا يستحق هذه التكلفة.
وقد أجبر هذا الاتجاه شركات صناعة السيارات الأمريكية على إعادة تقييم استراتيجياتها الخاصة بالمبيعات والإنتاج.
وفي ظل الأسعار التضخمية والفائدة المرتفعة على القروض التي تواجه المستهلكين، زادت مبيعات السيارات الأمريكية الجديدة بنسبة 1 في المئة فقط خلال سبتمبر الماضي، مقارنة بالشهر المقابل من العام السابق.
وحال ثبت أن الاتجاه نحو شراء السيارات ذات الأسعار المنخفضة سيكون أمرًا دائمًا، من شأن الخصومات الأكثر سخاءً أن تسفر عن تراجع متوسط أسعار السيارات وتباطؤ أرباح الصناعة.
ويقول كيفن روبرتس، مدير معلومات السوق لدى موقع «كار جوروس»، للتسوق في مجال السيارات: «صار المستهلكون أكثر حكمة في وقت يواجهون فيه الغموض الاقتصادي، وأسعار الفائدة التي لا تزال مرتفعة، وأيضًا أسعار السيارات المرتفعة.. ويحدث كل النمو فيما نراه مجموعات أسعار معقولة».
وفي ظل الضغوط التي تواجهها الشركات للإفراج عن الطرازات الأكثر تكلفة، لجأت إلى خفض أسعار البيع على العديد منها، إلى حد كبير عبر تقديم مزيد من الخصومات. وتضاعف متوسط الحافز لكل سيارة تقريبًا العام الماضي، ليصل إلى 1812 دولارًا، بحسب موقع «إدموندز».
وقالت شركة جنرال موتورز إنها تتوقع انخفاض متوسط سعر البيع بواقع 1.5 في المئة خلال النصف الثاني من العام.
وبحسب تقديرات روبرتس، من موقع «كار جوروس»، زادت مبيعات السيارات الجديدة للأفراد بنسبة 7 في المئة، مع استبعاد المبيعات لشركات التأجير والأساطيل التجارية الأخرى. وجاء 43 في المئة من معدل هذا النمو في النطاق السعري الذي يتراوح بين 20 و30 ألفًا، وهي أكبر حصة لهذه الفئة السعرية خلال أربعة أعوام على الأقل. «أما بالنسبة للسيارات المستعملة، فقد كان التحول أكثر وضوحًا: نمو المبيعات بنسبة 59 في المئة في النطاق السعري الذي يتراوح بين 15 و20 ألف دولار خلال هذه الفترة».
وبحسب بيانات شركة «كوكس اوتوموتيف»، زادت مبيعات السيارات الصغيرة والمتوسطة وسيارات الدفع الرباعي من ماركات السيارات الرئيسة على نحو أسرع من أي عام سابق منذ عام 2018.
يشار إلى أن المكاسب من مبيعات السيارات ذات الأسعار المعقولة تشكل في جزء منها عودة إلى النمط الذي كان موجودًا قبل كوفيد-19. وفي عام 2018، كانت السيارات المدمجة وصغيرة الحجم - عادة ضمن المركبات الأكثر شعبية ذات الأسعار المعتدلة ـ تشكل قرابة 35 في المئة من مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة.
وأخذت هذه النسبة في التراجع خلال 2020، عندما تسبَّب الوباء في نقص رقائق الكمبيوتر على المستوى العالمي، وهو ما أجبر شركات صناعة السيارات على إبطاء عمليات الإنتاج وتخصيص أشباه الموصلات النادرة للشاحنات الأكثر تكلفة وسيارات الدفع الرباعي. وفي ظل إقبال العملاء، بشكل متزايد، على هذه السيارات ذات الأسعار الأعلى، سجَّلت الشركات نموًا قويًّا في أرباحها.
وفي الوقت نفسه، أقرَّت هذه الشركات بأن هوامش الأرباح لسيارات الأسعار المنخفضة ضئيلة للغاية، حتى أنها لا تبرر إنتاج كميات كبيرة منها.
وبحلول عام 2022، تراجعت الحصة السوقية للمركبات الصغيرة والمتوسطة إلى أقل من 30 في المئة.
وخلال العام الجاري، انتعشت الحصة ووصلت إلى 34 في المئة، وهي آخذة في الارتفاع.
وزادت مبيعات سيارات السيدان المدمجة بنسبة 16.7 في المئة في سبتمبر الماضي مقارنة بالشهر نفسه قبل عام.
وعلى النقيض من ذلك، ذكر موقع «كار جوروس»، إن الشاحنات الكبيرة ارتفعت أسعارها بنسبة تقل قليلًا عن 6 في المئة. ولم تحقق مبيعات سيارات الدفع الرباعي الكبيرة نموًا يذكر على الإطلاق، أقل من 1 في المئة.
ولا تزال الشاحنة «إف-سيريز» هي الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة خلال العام الجاري، كما كان الحال منذ نحو نصف قرن، تليها شيفروليه سيلفرادو. ولكن الشاحنة رام، من شركة ستيلانتس، التي عادة ما تحل في المركز الثالث، تراجعت إلى المرتبة السادسة، حيث تفوقت عليها سيارات الدفع الرباعي الصغيرة الأقل تكلفة: تويوتا راف 4، وهوندا سي آر في، وتيسلا موديل واي «مع إعفاء ضريبي أمريكي قدره 7500 دولار».
وحدث التغيير في معنويات المشترين فيما يخص القدرة على تحمل التكاليف سريعًا العام الجاري، ما فاجأ العديد من شركات صناعة السيارات، في ظل توفر عدد قليل للغاية من السيارات في نطاقات الأسعار المنخفضة.
ويقول المحللون إن أحد أسباب التحول هو أن العديد من الزبائن المستعدين لخفض ما يقرب من 50 ألف دولار لشراء سيارة جديدة، فعلوا ذلك بالفعل خلال الأعوام القليلة الماضية. أما هؤلاء الذين لديهم قدرة أقل ـ أو رغبة أقل - في إنفاق هذا الكم الكبير من المال، فقد احتفظوا في كثير من الحالات بسياراتهم الحالية لأعوام. لقد آن أوان استبدالها، ويبدو أن معظم هؤلاء لا يريدون إنفاق أكثر مما يجب عليهم إنفاقه.
وفي ظل تواصل ارتفاع معدلات القروض، وصعود متوسط أسعار التأمين على السيارات بنسبة ضخمة، وصلت إلى 38 في المئة على مدار العامين الماضيين، قال كيث مكلوسكي، الرئيس التنفيذي للوكالة التي اشترت منها تشوملي سيارتها تراكس: «يريد الجمهور فقط أن يكون مقتصدًا على نحو أكبر فيما يخص هذا الأمر».
وأشار روبرتس، من كار جوروس، إلى أنه حتى العديد من المشترين من أصحاب الدخل المرتفع يختارون سيارات أقل حجمًا وسعرًا، وهو ما يرجع في بعض الحالات إلى الغموض بشأن الاقتصاد والانتخابات الرئاسية الوشيكة.
وأسفر هذا التحول إلى زيادة مخزون بعض شركات صناعة السيارات بعدد كبير للغاية من الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي باهظة الثمن. وحذر بعضهم، مثل شركة ستيلانتس، التي تنتج سيارات كرايسلر وجيب ورام، من أن مثل هذا التحول من شأنه أن يؤثر في أرباحها هذا العام.
وبالنسبة للعلامة التجارية شيفروليه، من إنتاج جنرال موتورز، توقع المسؤولون التنفيذيون الانصراف بعيدًا عن السيارات «باهظة الثمن»، وكانوا قد استعدوا بالتصميم الجديد للسيارة تراكس، التي ظهرت في ربيع عام 2023، حسبما أشار مايك ماكفي، مدير عمليات مبيعات شيفروليه.
وارتفعت مبيعات تراكس في أمريكا بنسبة 130 في المئة حتى الآن العام الجاري، ما يجعلها السيارة الرياضية متعددة الأغراض، المدمجة، الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة.
وبيَّن ماكفي: «بشكل أساسي، نحن نضاعف حجم مبيعاتنا «تراكس» مقارنة بالعام الماضي»، وليس من الواضح إلى متى سوف يتواصل نهج تفضيل سيارات الأسعار المنخفضة.
وأشار تشارلي تشيسبرو، كبير خبراء الاقتصاد لدى «كوكس اوتوموتيف» إلى أن سلسلة التخفيضات المتوقعة في معدلات الفائدة يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض أسعار الفائدة على قروض السيارات، وهوما سوف يجعل السيارات كبيرة الحجم في متناول الجميع.
وتوقع تشيسبرو أنه من المحتمل أن تبدأ الاتجاهات في التغيير حال بدأت أسعار الفائدة في الانخفاض.. سنشهد المستهلكين وهم يبدؤون في الانتقال إلى هذه المركبات الأكبر حجمًا».