|


حاتم خيمي
«حافظين مش فاهمين»
2024-11-01
لو كنت تعمل في جهة معينة، وكنت المسؤول عن المفاضلة بين اثنين سيعملون تحت إدارتك، أحدهما فاهم، والآخر حافظ فمن ستختار؟.
إجابتي هي: المسؤول الفاهم والواثق من نفسه سيختار الفاهم، لأنه الشخص المؤهل، والذي سوف يساعد في نجاح المنظومة حتى لو «أكل الجو» برجاحة عقله وأفكاره الإبداعية. أما المسؤول غير الفاهم وغير الواثق من نفسه سيختار الحافظ، ذلك لأن الحافظ لن يستطيع فضح عدم فهم المسؤول وأيضًا سيكون كالحمل الوديع الذي يُنفذ كل ما يُملى عليه دون تفكير.
لا أدري لماذا المجال الرياضي هو «الحيطة المايلة» دونًا عن باقي المجالات؟. ففجأة ودون مقدمات تجد شخصًا لا يعرفه أحد يتولى منصبًا رياضيًا دون أية خلفية رياضية فلا معايير ولا مؤهلات رياضية، والموضوع سهل جدًا فقط يحفظ له كم كلمة يرددها في الإعلام أو في الاجتماعات والنتيجة طبعًا كما تعرفون!.
أصحاب في استراحة يتبادلون الحديث فجأة أحدهم «تطن في رأسه» فيقول: «إيش رأيكم أبي أصير رئيس للنادي الفلاني؟».
يرد عليه أصدقاؤه: «بس أنت مالك علاقة بالرياضة ولا تفهم فيها». يرد: «هي جات عليا!». وهكذا هي كل عناصر العمل الرياضي. كثيرون أعرفهم حصلوا على دورات تدريب وهم لا يعرفون رمية التماس من الكورنر!، والأدهى أنهم يعملون في الأندية ويظهرون في الإعلام ويتفلسفون متحصنين بشهادة C أو B!.
المحللون الفنيون لكرة القدم الذي يظهرون عبر وسائل الإعلام، أصبح مهنة يسعى لها الكثيرون نظرًا للعائد المادي الجيد لها، ومثلها مثل عناصر كرة القدم الأخرى تسلل إليها كل من هب ودب، ومعظمهم للأسف «حافظون مش فاهمون» يحفظون مفردات مهمة في التحليل الفني، وبعد المباريات قبل ظهورهم عبر المنصة الإعلامية يبحثون عبر مواقع التواصل عن معلومات يستقوها من محللين حقيقيين، ويظهرون على الشاشات فيذكرونها فيصفق لهم العامة وينبهروا بهم! ولو كان المقدم مميزًا لفضحهم لأن هؤلاء لو سألتهم سؤالًا فنيًا عميقًا لتورطوا لأن الإجابة ستكون خارج نطاق ما حفظوه. ويبقى الضحية الجمهور الذين يتم خداعه بعبارات منمقة، صاحبها لا يفهم معانيها. ولو أردتم الدليل على كلامي ركزوا في عباراتهم ستجدونها متشابهة ذلك لأن مصدر الاستقاء واحد!. والمصيبة أنه يتم استيراد بعضهم من الخارج فلا نكتفي بالحافظين المحليين فنأتي بحافظين غير سعوديين وطبعًا هؤلاء أكثر كُلفةً وكل مؤهلاتهم جُملة من المفردات والجُمل المنمقة «المحفوظة». حقيقة لا أشاهد معظم الاستوديوهات التحليلية لأني سرعان ما أكتشفهم بحكم خبرتي الرياضية والإعلامية وكأستاذ جامعي يتعامل مع الطلاب دومًا فأستطيع التفريق بين الحافظ والفاهم. في النهاية لا بد أن أذكر أنه لدينا محللون رائعون ولكنهم قليلون، والغريب أنهم يحصلون على مبالغ أقل من الحافظين غير الفاهمين ويبدو أن الحافظ وغير الفاهم أغلى ثمنًا في هذا العصر!.