|


النصراوي دفن فقره.. والأمين أعاد جداريات مارادونا

الرياض ـ مقبل الزبني 2024.11.06 | 01:34 pm

على بساط الريح يحلق فرخ الشياهين، لغة لا يفهمها الأمين جمال، لكن قد يعيها والده منير النصراوي ابن الصحراء وحفيد مدينة العرائش المغربية، وكما أن لا شيء أصعب من اليأس والظلم في الحياة سوى الفقر، وإن كان هناك عاشق يقول والفراق أيضًا، إلا أن الأمين عاش ويلات هذه المرارة والأسى والحسرة في آن واحد قبل أن يقف شامخًا على القمة.
أمه شيلا إيبانا، ولدت في باتا بغينيا الاستوائية، بينما قدم والده في الثانية من عمره، رفقة «ست الكل» فاطمة للمرة الأولى إلى إسبانيا قبل إنجاب الفتى الأسمر في 13 يوليو 2007، في إيسبلوجاس، لكنهما انفصلا بعد 3 أعوام من ولادة ابنهما لتتولى جدته لأبيه مهمة حضانته واحتضانه.
‏ هذا الفتى النحيل الأسمر المراهق، أحيا الجداريات المندثرة بعد موت أعظم من لعب كرة القدم دييجو أرماندو مارادونا، فجدران حي روكافوندا المتواضع المعروف باستقباله المهاجرين، خاصة من شمال إفريقيا، باتت تتزين بصوره، معيدة المشهد الذي اختصت واشتهرت به نابولي وبوينس أيرس منذ أن عرفت البشرية عبقري الساحرة المستديرة القصير المكير، صاحب القميص رقم 10 وأسطورة الأرجنتين الأبدي.
في كلاسيكو الأرض الأخير وفي ليلة الرباعية المزلزلة التي دمرت البيت الأبيض الملكي، احتفل الفتى المراهق بابتسامة جذابة ولقطة فرائحية مميزة وهو يشير إلى تقويم أسنانه الذي يحمل ألوان «البرشا»، بينما أشار العالم أجمع إلى أن روح كرة القدم وجماليتها عادت مع جمال وغنت الأرض «يامال» بعد أعوام هرمت فيها وظهرت التجاعيد على ملامحها منذ مغادرة رونالدينيو وميسي العملاق الإسباني، أو منذ أن قتلت متعة الشعوب بدم بارد تحت غطاء التكتيك واللعب الجماعي، لذا يقول تشافي هيرنانديز مدرب برشلونة السابق «يامال سيمثل حقبة جديدة في كرة القدم».
موهبته ولدت من رحم المعاناة، في ملعب روكافوندا الأسفلتي اعتاد ابن منير النصراوي أن يلعب كرة القدم، على غرار نجوم آخرين مثل ميسي ومبابي نشأوا في أحياء متواضعة، لذا وكلما سجل الأمين جمال أو لامين يامال كما ينطقه الإسبان، هدفًا، عادة ما يرسم الرقم 304 بأصابعه، إشارة إلى آخر 3 أرقام من الرمز البريدي للمنطقة التي تنفس الكرة فيها في أصعب الظروف قبل أن تكشف جدته أخيرًا عن تهديدات بالقتل على مدار الأشهر الماضية، بسبب مزاعم إخفاق الأب بإقناع الابن تمثيل بلده الأم المغرب.. تقول فاطمة بعد طعن فلذة كبدها منير بالسكاكين الصيف الأخير: «إذا أرادوا قتلي فأنا هنا».
هذا التلاحم العائلي المتين، دخلت إلى عالمه شابة شقراء خطفت الأنظار على منصة التتويج عقب اعتلاء الإسبان عرش القارة العجوز الصيف الماضي، إنها أليكس الطالبة المقيمة في برشلونة بنفس عمر الفتى المراهق، وهي نجمة مؤثرة على منصة «تيك توك»، كان يتابعها نحو مئتي ألف لكنها تخطت المليون سريعًا بعد حملها ميدالية «يامال» الذهبية وجائزة أفضل لاعب في أوروبا.
ومثل غيره من المواهب الفذة، وعلى حين غرة من أيام الجوع وضيق ذات الحال، يدفن «الأمين» فقره وفقر والده النصراوي مبكرًا، نعم الآن راتب لامين 32,000 يورو أسبوعيًا، ما يعني أن راتبه السنوي يصل إلى 1.53 مليون يورو، ويمتد ارتباطه مع البرشا حتى 2026، بشرط جزائي قيمته مليار يورو تحوطًا من إغراءات الآخرين، وفق صحيفة «آس» الإسبانية.
هذه الأرقام الفلكية لم يكن يحلم بها قط، كما يقول خوان سيرانو، صاحب مقهى يرتاده النصراوي، معلقًا على أحد جدرانه قميص يامال «كان يحصل على قهوته مجانًا حتى يتمكن من استخدام أمواله في رحلة القطار لاصطحاب ابنه للتدريب في أكاديمية برشلونة».. ويضيف سيرانو قبل انطلاق اليورو الألماني: «هذا القميص هو فخر الحي!».. الآن سيرانو، جوهرة إسبانيا فخر الكرة نفسها يا رجل.


النصراوي دفن فقره.. والأمين أعاد جداريات مارادونا