رومانيا وكوسوفو.. أزمات السياسة والعنصرية تطل برأسها
أطلت الأزمات السياسية والتصرفات العنصرية برأسها مجددًا لتوقف مواجهة منتخب رومانيا الأول لكرة القدم، وكوسوفو دون استكمالها في بوخارست، الجمعة، في دوري الأمم الأوروبية، عقب استفزازات من المشجعين الرومان وهتافاتهم «صربيا..صربيا» في إشارة إلى بلد الضيوف قبل انفصالها عام 1999.
وغادر لاعبو كوسوفو أرض الملعب في الدقيقة الثامنة من الوقت بدل الضائع للمباراة، وكانت النتيجة وقتها هي التعادل السلبي.
هذه الحادثة، أعادت إلى الأذهان وقائع مماثلة، على غرار إلغاء النسخة الأولى من اليورو عام 1960، حين رفض نصف عدد أعضاء الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا»، «16 من أصل 33 عضوًا وقتها» المشاركة في البطولة، بسبب تداعيات الحرب العالمية مع الاتحاد السوفيتي، الذي أيضًا رفضت إسبانيا اللعب أمامه في دور الثمانية من النسخة ذاتها، واستبعدت ليحصد في النهاية السوفييت اللقب.
المواقف السياسية طالت حتى الألعاب الأولمبية 1916، إذ كانت ستجرى هذه النسخة في برلين، ففي 28 يونيو من عام 1914، وقع حادث تطور إلى الحرب العالمية الأولى مع السوفييت وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا.
وأصبحت اللجنة الأولمبية الدولية في وضع صعب للغاية، لأن ألمانيا، التي ستستضيف الأولمبياد، دخلت الحرب، كما أن غالبية أعضاء الأولمبية الدولية من الدول المعادية لألمانيا، ما ألغى الدورة.
وفي القارة الصفراء، ألغى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم مباراة فريق الاتحاد السعودي، وسيباهان الإيراني، على أرض الأخير في دوري أبطال آسيا 2023، بسبب مجسم وضع في الملعب للشخصية الإرهابية قاسم سليماني، في إقحام واضح للجانب السياسي في الرياضة.
وفي القارة السمراء، شهدت بطولة أمم إفريقيا عام 1996، التي استضافتها جنوب إفريقيا انسحاب نيجيريا قبل انطلاق البطولة بأيام، ويعود ذلك بسبب توتر العلاقات بينها وبين المستضيف، وفي نوفمبر 1995 أعدم الجنرال ساني أباشا، الرئيس النيجيري، ثمانية من المعارضين له، بسبب احتجاجات على سياساته المتعلقة ببيع ثروات البلاد من البترول، وأثار قراره غضب نيلسون مانديلا، زعيم جنوب إفريقيا، الذي طالب بمقاطعة شراء النفط من نيجيريا، وقد عدّ أباشا احتجاجات مانديلا تدخلًا في شؤون بلاده، فأمر منتخب بلاده بالانسحاب من أمم إفريقيا.
ولا تغيب أحداث مباراة البرازيل وتشيلي عام 1989، ضمن تصفيات كأس العالم 1990، عن الأذهان الرياضية أيضًا، التي تخللتها أعمال شغب من قبل الجماهير التشيليّة بعد هدف برازيلي، من أقدام أنطونيو دي أوليفيرا، المُلقب بـ«كاريكا»، اشتعلت بعده الشرارة، وتم إطلاق بعض الألعاب النارية على أرضية الملعب، ليتظاهر عُقبها روبرتو روخاس، حارس مرمى تشيلي بإصابته في رأسه، وكانت بالفعل الدماء تملأ قفازه وجزءًا من الرأس، ما جعل الحكم يأمر بإيقاف المباراة في الدقيقة 67، بسبب فقدان السيطرة على الوضع، وتم إلغاؤها في وقت لاحق، لكن التحقيقات التي أجراها الاتحاد الدولي «فيفا»، مع فيديوهات وصور نقلها التلفاز في اليوم التالي للمباراة، أظهرت أن الحارس أُصيب بواسطة موس حلاقة أخفاه في قفازه قبل اللقاء.
واعتمدت نتيجة 2ـ0 فوزًا للبرازيل، لتصل إلى سبع نقاط، وتتصدر المجموعة الثالثة، وتتأهل مباشرة من التصفيات، وبناء على هذه الواقعة قرر «فيفا» منع روخاس من المشاركة مدى الحياة مع تشيلي، أو في أي كرة قدم تنافسية، حتى تم رفع الإيقاف عام 2001، إضافة إلى حرمان المنتخب التشيلي من المشاركة في تصفيات كأس العالم 1994، بسبب تركه أرضية الملعب.
وعودة إلى الهتافات العنصرية، ففي لقاء إيطاليا وصربيا عام 2010، ضمن تصفيات كأس أمم أوروبا 2012، وبعد تأجيل ركلة البداية مدة 35 دقيقة، بسبب أعمال شغب، شهدت إلقاء الجمهور الصربي ألعابًا نارية في أرض الملعب على مشجعين إيطاليين، بجانب الهتافات العنصرية، وقفز البعض منهم أعلى الحاجز، الذي يحيط بالمدرج، ما جعل الحكم يُنهي المباراة في الدقيقة 6 من الشوط الأول، ليقرر بعد ذلك إلغاءها، بسبب تهديد سلامة اللاعبين والجماهير.
وسجلت بطولة أمم إفريقيا عام 1978 حادثه جديدة، مضمونها انسحاب المنتخب التونسي من مباراته أمام نيجيريا،، بسبب ما زعم أنه قرارات تحكيمية «ظالمة»، وكانت النتيجة تشير للتعادل بـ 1ـ1، وقرر بعدها الاتحاد الإفريقي أن نيجيريا فائزة بالميدالية البرونزية، وحرم تونس من المشاركة في المسابقات الإفريقية لعامين.
وفي عام 2020، وأثناء وصول المنتخب المغربي إلى غينيا، ليلعب مباراته معها ضمن تصفيات كأس العالم 2022، حدث انقلاب عسكري على ألفا كوندي، رئيس الدولة آنذاك، ليُعلن تعليق الدستور، وإغلاق الحدود البرية والجوية من قبل القوات الخاصة، وتُلغى على إثر تلك الأحداث المباراة، وأصدر «كاف» بيانًا صحافيًا أبان خلاله عن جدولة المباراة في وقت لاحق.