احتفل نادي برشلونة الإسباني، الجمعة، بذكرى مرور 125 عامًا على تأسيسه، إذ فتح أبوابه بتاريخ 29 نوفمبر من العام 1899، وتحوّل تدريجيًا منذ ذلك اليوم إلى أحد أعظم الأندية في تاريخ إسبانيا وأوروبا والعالم، وفي سجله عدد هائل من الإنجازات والألقاب والأساطير، وقاعدة جماهيرية تبدأ من المدينة الواقعة في إقليم كاتالونيا، وتلفّ كل أرجاء العالم.
وما كان لهذا النادي، بإنجازاته ونجومه وشعبيته، ليبصر النور، لولا التحرّك الأول الذي مهّد طريق ولادته، عبر جوان جامبر، العرّاب السويسري الذي كان عاشقًا للرياضة بكل تفاصيلها، وشغفه ذهب به لينشر إعلانًا في صحيفة «لوس ديبورتيس» بتاريخ 22 أكتوبر 1899، معلنًا فيه عن نيته تأسيس فريق لكرة القدم في مدينة برشلونة، فلقي الإعلان تفاعلًا إيجابيًا، وانضم إلى قافلة جامبر مجموعة من اللاعبين الإسبان والألمان والإنجليز والسويسريين، ليأتي تأسيس النادي بشكل رسمي، بعد إعلان «لوس ديبورتيس» بقرابة شهر.
ووُلد جامبر في مدينة فينترثور السويسرية عام 1877، وحمل اسم هانس، وهو اختصار ليوهانيس، الاسم الذي اختاره له والداه أوجوست وروزين، وانتقل مع عائلته إلى مدينة زيوريخ بعد وفاة والدته وهو في الثامنة من عمره. وأظهر جامبر شغفًا واسعًا بالرياضة منذ صغره، فكان عداءً ودراجًا، ومارس الرجبي والتنس والجولف، ونجح في عدد منها، وحمل الأرقام القياسية في سباقي 800 متر و1600 متر على مستوى زيوريخ عام 1898، إلا أنّ نجاحه الأكبر جاء في كرة القدم، مع اختلاف منصبه، بين لاعب وإداري.
ففي العام 1896، أسّس جامبر نادي زيوريخ، أحد أفضل الأندية في تاريخ كرة القدم السويسرية، قبل أن يتمّ عامه الـ 20، ولعب في صفوفه، وفي صفوف بازل، النادي السويسري الشهير الآخر، خلال الأعوام القليلة التالية.
وفي العام 1899، سافر جامبر إلى برشلونة لزيارة عمه، وكان الهدف من الزيارة مساعدة عمه الذي كان يدير شركة تجارية في إفريقيا، إلا أن جامبر وقع في حب المدينة الكاتالونية، وقرر البقاء فيها، إلى أن قرر نشر الإعلان الشهير في صحيفة «لوس ديبورتيس»، إلا أنه نشره تحت اسم «كانس كامبر» بدلًا من هانس جامبر، لتعديل نطق اسمه إلى الكاتالونية، قبل أن يعتمد اسم جوان.
وكان جامبر أول قائد للفريق الجديد، إذ حمل شارة قيادته بين 1899 و1903، وكان هدافًا بارعًا، وقاد برشلونة نحو الفوز بأول ألقابه، والذي كان في بطولة «كوبا ماكايا» عام 1902، ثم جاء تأثيره الأكبر عند انتقاله إلى المهام الإدارية، فهو استلم منصب رئيس النادي في 5 فترات مختلفة بين 1908 و1925، وأمّن للنادي ملعبًا أكبر، وعمل على رفع عدد الأعضاء المسجلين، ليصل إلى قرابة 20 ألفًا بحلول العام 1922، الأمر الذي زاد من شعبية النادي، وأمّن له ظروفًا مادية مريحة.
ومن القرارات البارزة التي اتخذها جامبر، تعيينه للإنجليزي جاك جرينويل مدربًا للفريق عام 1913، فكان الأخير أول مدرب بعقد دائم في تاريخ النادي، وبقي في منصبه 10 أعوام أسهم فيها في قيادة برشلونة نحو ألقاب عدة. وبالمجمل، حقق برشلونة خلال حقبة جامبر الرئاسية أكثر من 20 لقبًا، من بينها لقب دوري كاتالونيا 11 مرة، وكأس إسبانيا 6 مرات، وكأس البيرينيه 4 مرات، وهي بطولة قارية أوروبية سابقة.
وجاءت هذه الإنجازات لتؤكد أن جامبر أمّن لبرشلونة عصره الذهبي الأول، إلا أن جامبر أُجبر على الاستقالة من منصبه بطلب من بريمو دي ريفيرا، الديكتاتور الإسباني، بسبب خلافات سياسية، وهتافات مضادة أطلقتها جماهير النادي ضد الديكتاتور.
وفارق جامبر الحياة في 30 يوليو 1930 بعد أعوام أخيرة عانى فيها من الإحباط والمشاكل المالية، ودُفن في منطقة مونتويك في برشلونة، بعد جنازة حضرها أبناء المدينة وعدد من اللاعبين. ويُنظم برشلونة منذ العام 1966 بطولة «جوان جامبر» التجريبية، والتي يشارك فيها النادي قبل بداية كل موسم، كاشفًا فيها عن فريقه الجديد.