منحت ناقدًا رياضيًا كل الوقت حتى لجأت لكتابة هذا المقال. كان الناقد قد باح لي برأيه المخالف لقرارات ناديه الجماهيري. اقترحت عليه أن يدونها في تغريدة كي يحيي شعيرة النقاش، لكنه خشي من التوقيت، وخشي معه من موج الجمهور الهادر، ومن أذرع الإدارة تجاه شخصه ونقده، ولا سيما أن ناديه يعيش فترة جيدة، وظن كل الظن أنه سيتهم بتعكير الصفو أو التصيد. لاذ إلى الصمت وصارت فكرته حبيسة رأسه، وانحاز للمصفقين المؤيدين لا المناقشين السائلين، متنازلًا عن مقتضيات النقد، وعن مكانته الإعلامية التي جناها بطرحه.
لقد كبرت المسألة، لأني أحلت موقفه الصامت إلى برلين، لأنظر في رأي بروفيسورة التواصل الجماهيري الراحلة إليزابيث نويل نويمن، وخرجت منها بنظرية «دوامة الصمت»، وباتت من أهم نظريات الرأي العام منذ عام 1974، وساعدت في فهم الكثير من تأثيرات الإعلام على الجُموع. تقول النظرية أن صاحب الرأي حين يستشعر أنه من أقلية تتبنى موقفًا ما، فإنه يخشى من رأي الأغلبية ومن العزلة عنهم أو من إقصائه له، فيضطر للصمت أو الانغماس معهم. بل إن تبني الإعلام أو سيطرة الترند لموقف محدد سيزيده توهمًا أنه من الأقلية، وأنه لو قال رأيه فسيكون من الشاذين عن السائد. لقد ظهرت نظرية أخرى رديفة لها تسمى «غرف الصدى». ملخصها أن المتشابهين يقبلون على بعضهم البعض في غرفهم الخاصة، ولا يسمعون سوى ضجيج فكرتهم الواحدة، ويضخمون من قناعاتهم. إنهم كما الربابة ذات وتر واحد، لا العود ذي الأوتار الخمسة والعزف الآسر. وهذا ما يريده الجمهور، وصار الناقد الرياضي تابعًا لهم لا قائدًا عليهم.
الجماهير فائضة العواطف، وهذا جلب للإعلام الرياضي النوازف، فحرمنا من العقلانية، وانجبرنا على الانحياز، وسعينا لإعجاب مشجع، وإغاظة الآخر، وإبعاد المنطق بدلًا من إعماله، وزاد من عناصر الرقابة، بدلًا من تقليصها. يدفع ذلك أهمية تعاظم رقم المتابعين، لأن معه تتزايد فرص الدخل المادي أو المكانة الاجتماعية، وصار فقدان أحدهما مقلقًا لصاحبه. فالجمهور بات سلطة على الرأي، إن لم يكن بغضبته، فبأرقامه. لو قال الناقد رأيه لصار قضية، ولكنه صمت، وأصبح بسكوته ضحية رأي عام.
لقد كبرت المسألة، لأني أحلت موقفه الصامت إلى برلين، لأنظر في رأي بروفيسورة التواصل الجماهيري الراحلة إليزابيث نويل نويمن، وخرجت منها بنظرية «دوامة الصمت»، وباتت من أهم نظريات الرأي العام منذ عام 1974، وساعدت في فهم الكثير من تأثيرات الإعلام على الجُموع. تقول النظرية أن صاحب الرأي حين يستشعر أنه من أقلية تتبنى موقفًا ما، فإنه يخشى من رأي الأغلبية ومن العزلة عنهم أو من إقصائه له، فيضطر للصمت أو الانغماس معهم. بل إن تبني الإعلام أو سيطرة الترند لموقف محدد سيزيده توهمًا أنه من الأقلية، وأنه لو قال رأيه فسيكون من الشاذين عن السائد. لقد ظهرت نظرية أخرى رديفة لها تسمى «غرف الصدى». ملخصها أن المتشابهين يقبلون على بعضهم البعض في غرفهم الخاصة، ولا يسمعون سوى ضجيج فكرتهم الواحدة، ويضخمون من قناعاتهم. إنهم كما الربابة ذات وتر واحد، لا العود ذي الأوتار الخمسة والعزف الآسر. وهذا ما يريده الجمهور، وصار الناقد الرياضي تابعًا لهم لا قائدًا عليهم.
الجماهير فائضة العواطف، وهذا جلب للإعلام الرياضي النوازف، فحرمنا من العقلانية، وانجبرنا على الانحياز، وسعينا لإعجاب مشجع، وإغاظة الآخر، وإبعاد المنطق بدلًا من إعماله، وزاد من عناصر الرقابة، بدلًا من تقليصها. يدفع ذلك أهمية تعاظم رقم المتابعين، لأن معه تتزايد فرص الدخل المادي أو المكانة الاجتماعية، وصار فقدان أحدهما مقلقًا لصاحبه. فالجمهور بات سلطة على الرأي، إن لم يكن بغضبته، فبأرقامه. لو قال الناقد رأيه لصار قضية، ولكنه صمت، وأصبح بسكوته ضحية رأي عام.