|


أحمد السويلم
كيف يتجاوز النصر تحدي التغيير؟
2025-01-24
من نظرة بعيدة، يمكن قراءة واقع فريق النصر والتحديات التي يمر بها مؤخرًا بأنها تدور في فلك واحد يخضع عادة للضغط الجماهيري، فكما دارت الانتقادات الحادة حول رئيسه السابق مسلي المعمر استمرت بذات الوتيرة لرئيسه التنفيذي السابق أيضًا جويدو فينجا، وستعيش فترة شهر عسلٍ قصيرة ثم ستعود الدائرة مرة أخرى حول الرئيس التنفيذي الحالي ماجد الجمعان.
والأمر ذاته يتكرر حول اسم المدرب، يصل بطموحات كبيرة وحماس كبير للجمهور، وبعد أول إخفاق تبدأ الحلقة الأولى من المسلسل، وتزيد الحدة مع التعادل الثاني، أما حين تأتي الخسارة وخاصة إن كانت من فريق متوسط أو بالمراكز المتأخرة، فسوف يوصف مباشرة «بالسبّاك» وهي المفردة المفضلة دائمًا لانتقاد المدربين، ولا أعلم حقيقة الربط الدائم بين سوء التدريب وأعمال السباكة.. ولعلها مشتقة من مفردة عامية أخرى.
والأمر حول المحترفين الأجانب ليس ببعيد عن ذلك، رغم مستوى أوتافيو المميز، وثقة إيميريك لابورت، وخبرة رونالدو، وثبات محمد سيماكان، وفكر بروزفيتش، وحماسة أنخلينو جابرييل وويسلي، إلا أن الانطباع السلبي العام وعدم الرضا هو السائد دومًا، وسيبقى هو كذلك لأن اكتمال منظومة العمل لا تحل بذهاب لاعب أو التوقيع مع آخر، فالبرازيلي تاليسكا ـ على سبيل المثال ـ يتواجد مع الفريق منذ صيف 2021، دون فارق في حسم البطولات أو تأثير كبير، ورغم ذلك تجد مسألة رحيله ردة فعل كبرى ليس لأنه الحاسم والجالب للبطولات، بل لأن رأي الجمهور يريد رحيل ساديو ماني مثلًا وليس تاليسكا.
وفي اعتقادي أن هذه الحالة من الصعوبة أن تحل خلال وقت قصير، ولو جلبت الإدارة المدرب جوارديولا أو أنشيلوتي، فستتجه الانتقادات نحو مسار آخر «فلان ناجح لأن الأدوات معه محترفة، أو لأنه يدرب نجوم سوبر ستار، أو لأن البيئة مختلفة.. وغيرها»، وبلا شك من حق الجمهور أن ينتقد ويقول رأيه في ناديه، لكن في الوقت نفسه يكون الانتقاد للهدف المنشود وهو «استقرار الفريق الفني الدائم»، وليس الفوز على منافس أو معالجة وقتية بلاعب أجنبي مختلف.
لو تأملت في فرق العالم المتقدمة في مراكز الصدارة، لن أقول إيطاليا ولا في إنجلترا أو إسبانيا، الفرنسي جالتييه مع الدحيل «متصدر الدوري القطري» يدرب الفريق منذ أكتوبر 2023، الروماني أولاريو كوزمين مع الشارقة «متصدر الدوري الإماراتي» مع الفريق منذ نوفمبر 2021، البرتغالي جورجي جيسوس مع الهلال «متصدر الدوري السعودي»، منذ يوليو 2023، السويسري مارسيل كولر مع «الأهلي المصري» محتكر الدوري المصري ودوري أبطال إفريقيا مع الفريق منذ سبتمبر 2022، وفي الفترة نفسها منذ منتصف 2021 حتى الآن أشرف على تدريب النصر «بيدرو إيمانويل ـ ميجيل روسو ـ رودي جارسيا ـ لويس كاسترو ـ والآن ستيفانو بيولي»، والمفارقة وقت كتابة هذا المقال أن رودي جارسيا أعلن عن تدريبه منتخب بلجيكا المصنف التاسع عالميًّا.
في رأيي أن على النصراويين الاقتناع بأن التحدي هذا العام هو التأهل لدوري أبطال آسيا للنخبة الموسم القادم، وتبقى للفريق نحو 18 مباراة دورية، يصالح فيها جماهير الفريق بتقديم مستويات جيدة، والتخطيط من الآن للموسم المقبل بشرط التأكيد على مفهوم الاستقرار الفني أولًا وأخيرًا ثم الاستقرار الإداري، وأن الحلول السريعة قد تسكت الجمهور يومًا، لكنها لن تكون حلولًا تجلب البطولات والكؤوس، ليبقى الهدف الرئيس في موسم 2026 هو الاستقرار في طريقة اللعب، وفي اللاعبين، وحتى المحترفين الأجانب، ليكون وقتها النصر مرشحًا فعليًّا للمنافسة على الدوري وتحقيق البطولة الأهم وهي الكأس الآسيوية.