يشجع المرء ناديه بلا مقابل. تنزف عاطفته كدم جريح ولا أحد يضمده، بل إن حنجرته كما جيبه.. سلعة. ألم تسمع عن سعي الأندية لرفع أسعار التذاكر في المواجهات النارية؟ بالكاد تجد مشجعًا تحوَّل عن تشجيع نادٍ إلى نادٍ آخر، وكأنه حرّم على نفسه ذلك، فيما اللاعبون والمدربون والإداريون كلهم يضربون في أرجاء الأندية المتنافسة يبتغون من فضل الله. يدغدغهم المال، والراتب الأفضل.
لكن ماذا يجني المشجع من كل هذا؟ يتكبد تكاليف التذاكر، واشتراكات البث، ويتحمل مرارة الخسارة أكثر من أي لاعب في الملعب. ألم تسمع عمن فارقوا الحياة صدمة من هبوط فريقهم؟. يتحدث الإعلام عن استثمارات الأندية لأنها باتت مشاريع اقتصادية، حيث يطغى الربح على القيمة الرياضية والثقافية والمجتمعية، فيما يظل المشجع وقودًا لهذه المنظومة، يدفع دون أن يربح، ويهتف دون أن يُسمع.
حينما كان الشغف يحكم اللعبة، لم يكن المال المحرك الأساسي. كان الولاء للنادي قيمة مقدسة، وكان اللاعب يرتدي قميص فريقه وكأنه درعه الأبدي. اليوم، باتت العقود والمفاوضات لغة اللاعبين، ولم يعد للقميص وزن إلا بمقدار ما يدفع مقابله. هل تتذكر تلك اللحظة التي رأيت فيها لاعبًا يرتدي شعار ناديك ثم ظهر في موسم لاحق بقميص الغريم التقليدي؟ المشجع لا يملك هذا «الترف»، لأنه يبقى حيث بدأ، لا يساوم، ولا يبحث عن العروض الأعلى. الرياضة التي كانت للفقراء أصبحت للأثرياء. كانت الملاعب تمتلئ بمشجعين لا يملكون سوى شغفهم، أما اليوم، فأصبحت المتعة مشروطة بقدرتك على الدفع. المقاعد المميزة تُحجز بأسعار خيالية، وأي محاولة للاقتراب من المدرجات المشتعلة قد تكلفك ميزانية شهر. لا أحد يطلب أن تكون الرياضة مجانية، لكن هل يُعقل أن يصبح المشجع الحلقة الأضعف، ملاحقًا شظف عيشه، بينما اللاعبون يزدادون بسببه مالًا؟. تتضخم الجيوب وليس للعاشق إلا الحنظل.
هل تغير المشجع أم تغيرت اللعبة؟ قد يكون الزمن فرض منطقه الجديد، وصار حاملو شهادات إداراة الأعمال يقودون الرياضة، وحتموا أن يكون المال وقودًا لا غنى عنه للنجاح. لكن هل يمكن لكل الاستثمارات والعقود الضخمة أن تشتري ما لا يُشترى؟ هل يمكن للمال أن يخلق شغفًا حقيقيًّا؟ ربما لا تزال زوايا في المدرجات لم تتلوث بالتسليع، وربما لا يزال هناك من يشجع ناديه لأنه يؤمن به، لا لأنه منتج فاخر في سوق المنافسة. يبقى المشجع ركنًا أصيلًا لا يباع، ولا يشترى، إلا إذا قرروا جماعيًّا هدم ركنهم ليسقط السقف على رأس البائع. فيا مشجعي الأندية.. اتّحدوا.
لكن ماذا يجني المشجع من كل هذا؟ يتكبد تكاليف التذاكر، واشتراكات البث، ويتحمل مرارة الخسارة أكثر من أي لاعب في الملعب. ألم تسمع عمن فارقوا الحياة صدمة من هبوط فريقهم؟. يتحدث الإعلام عن استثمارات الأندية لأنها باتت مشاريع اقتصادية، حيث يطغى الربح على القيمة الرياضية والثقافية والمجتمعية، فيما يظل المشجع وقودًا لهذه المنظومة، يدفع دون أن يربح، ويهتف دون أن يُسمع.
حينما كان الشغف يحكم اللعبة، لم يكن المال المحرك الأساسي. كان الولاء للنادي قيمة مقدسة، وكان اللاعب يرتدي قميص فريقه وكأنه درعه الأبدي. اليوم، باتت العقود والمفاوضات لغة اللاعبين، ولم يعد للقميص وزن إلا بمقدار ما يدفع مقابله. هل تتذكر تلك اللحظة التي رأيت فيها لاعبًا يرتدي شعار ناديك ثم ظهر في موسم لاحق بقميص الغريم التقليدي؟ المشجع لا يملك هذا «الترف»، لأنه يبقى حيث بدأ، لا يساوم، ولا يبحث عن العروض الأعلى. الرياضة التي كانت للفقراء أصبحت للأثرياء. كانت الملاعب تمتلئ بمشجعين لا يملكون سوى شغفهم، أما اليوم، فأصبحت المتعة مشروطة بقدرتك على الدفع. المقاعد المميزة تُحجز بأسعار خيالية، وأي محاولة للاقتراب من المدرجات المشتعلة قد تكلفك ميزانية شهر. لا أحد يطلب أن تكون الرياضة مجانية، لكن هل يُعقل أن يصبح المشجع الحلقة الأضعف، ملاحقًا شظف عيشه، بينما اللاعبون يزدادون بسببه مالًا؟. تتضخم الجيوب وليس للعاشق إلا الحنظل.
هل تغير المشجع أم تغيرت اللعبة؟ قد يكون الزمن فرض منطقه الجديد، وصار حاملو شهادات إداراة الأعمال يقودون الرياضة، وحتموا أن يكون المال وقودًا لا غنى عنه للنجاح. لكن هل يمكن لكل الاستثمارات والعقود الضخمة أن تشتري ما لا يُشترى؟ هل يمكن للمال أن يخلق شغفًا حقيقيًّا؟ ربما لا تزال زوايا في المدرجات لم تتلوث بالتسليع، وربما لا يزال هناك من يشجع ناديه لأنه يؤمن به، لا لأنه منتج فاخر في سوق المنافسة. يبقى المشجع ركنًا أصيلًا لا يباع، ولا يشترى، إلا إذا قرروا جماعيًّا هدم ركنهم ليسقط السقف على رأس البائع. فيا مشجعي الأندية.. اتّحدوا.