|


عبد المحسن القباني
زكريا صرخ ولم يقفز
2025-03-15
لم تكن قفزة زكريا هوساوي نحو المدرَّجات سوى صرخة: «.. أوقفوا الشتائم..». فكيف تفاعلت المؤسسة الرياضية؟ إنها مفاجأةٌ. لقد حمت الجلَّاد، وعاقبت الضحية وسطَ صمتٍ من الاثنين: نادي الرائد، ورابطة لاعبي كرة القدم السعوديين! صمتٌ لا يعبِّر سوى عن عجزٍ نقابي في المفهوم والتنفيذ، فلاعب الرائد اخترق السياج، وتوجَّه لمشجعٍ بعينه حتى فضَّ الأمن الاشتباك، فما كان من لجنة الانضباط سوى أن عاقبت اللاعب بغرامةٍ كبيرةٍ، وإيقافٍ لمباراتين في قرارٍ قابلٍ للاستئناف! ولم تقل وزارة الرياضة شيئًا عن المشجع الذي كان في منشأتها.
هناك نقاشٌ حول العالم، ومن المزعج أننا لسنا جزءًا شجاعًا منه، ومن المؤسف أننا احتجنا إلى الصربي سافيتش ليقرع الجرس ذات مرةٍ بشأن شتائم الجمهور في الملاعب السعودية. إن النقاش يبوح عن مخاوف لاعبي كرة القدم بشأن سلامتهم مع تزايد ثقافة العنف والإساءة. لقد تنوَّعت الإساءة مع تنوُّع فرص التعبير والوصول. يعبِّر اللاعبون حول العالم عن قلقهم من السلوك العدائي المتزايد، سواء في الملاعب، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤثر في صحتهم النفسية والجسدية،​ ويتضمَّن تهديداتٍ عبر الإنترنت، وإساءاتٍ عنصريةً، وتعليقاتٍ غير لائقةٍ، ما يضع ضغوطًا إضافيةً على اللاعبين وأهاليهم.
وفقًا لاستطلاعٍ، نشرته «الجارديان»، تشير النتائج إلى أن 76% من اللاعبين المشاركين يرون أن سلامة وصحة بيئة كرة القدم، أصبحت مصدرَ قلقٍ متزايدٍ لديهم! كما أظهرت النتائج الإضافية أن 68% يعتقدون أن هناك «توترًا داخل ثقافة كرة القدم»! توترٌ مشوبٌ بالعنف والإساءة! بينما رأى 66% أن ثقافة المشجعين أصبحت أكثر عنفًا وإساءةً في السنوات الأخيرة.
من المعيب أن تمر حادثة زكريا! كانت المدرَّجات خاويةً، والسيطرة سهلةً! وكان يستحق ذلك الشاتمُ الجلَّاد، فيكون عبرةً، ويكون الموقف تعبيرًا عن حراكٍ جاد. مثل هذه الحوادث تؤكد على الحاجة الملحَّة لاتخاذ إجراءاتٍ لحماية اللاعبين من هذه السلوكيات، سواء من قِبل الأندية، أو المؤسسات الرياضية، أو الأمنية، أو القضائية، لضمان بيئةٍ آمنةٍ في عالم كرة القدم. لنعد احتجاج زكريا مثل احتجاج سافيتش موازٍ له في المقدار فكلاهما صرخا بتعبيرين مختلفين.