|


تركي السهلي
المنتخب الوطني
2025-03-25
تُبنى الأوطان بسواعد أبنائها، وتسكن الوطنية قلوب الناس منذ النشأة، وتؤخذ المنتخبات الرياضية على أنّها الرمز للون، والهُويّة، وصورة البلاد الكاملة.
وحين رؤية اللاعب الحامل شعار الوطن، تتحوّل الرمزية إلى المُشاركة الشعبية، والمُساهمة في الفرح وقت الانتصار، كتأثيرٍ كُلّي لا فردي، مّما يولّد حالة اتحاد وطنيّة.
وصناعة الهُوّية الخاصّة عمليّة طويلة ومُعقّدة بالنسبة للحكومات، لكنّ الرياضة تختصر الكثير من الوقت والجهد لتحقيق ذلك. في العام 1995 ذهب الزعيم نيلسون مانديلاّ إلى «الرجبي» ونظّمت بلاده كأس العالم، ونجح في أن يجعل كًل المكوّن الجنوب إفريقي تحت لونٍ واحد، في وقت كانت بلاده تعاني من الانقسام العرقي وانعدام الانتماء.
في العام 1984 تمكّن الملك فهد بن عبد العزيز في تحويل أنظار العالم من «واشنطن» إلى المنتخب السعودي لكرة القدم، وكيف أوصل أبناء الصحراء عبر «آسيا» إلى أولمبياد لوس أنجليس، ونشر هُويّة المملكة كبلادٍ عريقة الحضارة. كانت الناس في عموم السعودية تحتفل بالمنتخب والنصر الرياضي، والحكومة تجني ثمار ذلك. قال الملك فهد بن عبد العزيز حينها، إنّ حكومته لو دفعت الملايين لتحقيق رواج عن بلاده لما حدث ذلك بنفس ما أحدثه منتخب كُرة القدم.
واليوم، يقود الأمير محمد بن سلمان مشروع ربط الرياضة بٍهُويّة السعودية ذات التأثير المتنامي.
إنّ حالة الانتماء وترسيخ هُويّة البلاد تنفّذها الحكومات لا وسائل الإعلام، كما أن الإعلامي الذي يُعلي من شأن ناديه على حساب منتخب بلاده ستذوب دوافعه حين النجاح الكُلّي، وملاحقة المُتعصّب مضيعة للوقت في ظلّ مشروع واضح المعالم حتمي النتائج، إذ أنّ الهدف الوطني يكون أكبر من مُتابعة محدود النظرة.
لقد تعدّدت مسالك النصر الوطني، لكنّ الرياضة هي المحضن الأكبر لتوحيد كُل الألوان. والحكومة الذكيّة، مثل حكومة السعودية، تُدرك جيّدًا أن الزمن في صالحها، وأن العمل هو طريقها الدائم، وأن الانتصارات ستتوالى، وأن المسؤول منها يجب أن يكون أعلى في نظرته من مُشجّع لم يدرك بعد أن اللون الوطني سيغلب، وأن الخطط ستؤتي أُوكلها في لحظة انتصارٍ خالدة.