النحاس.. نصراوي يداوي جراح الأهلي

تسارعت الأحداث بعد صدمة الهزيمة الإفريقية، واستدعى الأهلي القاهري، مدافعه الكبير عماد النحاس الأحد، ليخوض معركة العمر مدربًا مؤقتًا للفريق الأول لكرة القدم.
من مدافعٍ كان جدارًا لا يُخترق، إلى قائدٍ فنيٍ يحمل آمال الملايين، النحاس يقف الآن على مقاعد البدلاء مدربًا للمارد الأحمر.
قصته ليست مجرد انتقال من الملعب إلى الخطوط الجانبية، بل ملحمة شجاعة وتحدٍ، تُكتب بحبر الإخلاص للقلعة الحمراء.
في 15 فبراير 1976، وُلد عماد النحاس في مغاغة بمحافظة المنيا، حيث تنفس عشق الكرة في شوارع الصعيد.
منذ أيامه الأولى في مركز شباب مغاغة، أظهر موهبةً دفاعيةً استثنائية، جعلته محط أنظار الأندية الكبرى.
انضم إلى نادي المنيا «1993-1996»، ثم انتقل إلى أسوان في 1996، حيث لفت الأنظار بصلابته وذكائه التكتيكي.
في 1998، اقتحم النحاس عالم الكبار بانتقاله إلى الإسماعيلي، حيث تألق تحت قيادة المدرب الألماني فرانك إنجل.
توّج مع الدراويش بلقب الدوري المصري موسم 2001-2002، وسجل 5 أهداف في ذلك الموسم كمدافع، وهو رقم نادر.
قاد الفريق إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا 2003، حاملًا شارة القيادة في مباراة الذهاب ضد إنييمبا النيجيري، لكن الإسماعيلي اكتفى بالمركز الثاني.
في 2004، خطا النحاس خطوة جريئة نحو الاحتراف الخارجي، حيث انتقل إلى النصر السعودي على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر. وعلى الرغم من قصر المدة، إلا أنه ترك بصمة واضحة بفضل مهاراته الدفاعية وخبرته.
عاد إلى مصر بعد هذه التجربة، لكنه واجه انتقادات من بعض جماهير الإسماعيلي، الذين عدوا إعارته خطوة لتسهيل عودته إلى الأهلي.
النحاس ردّ على ذلك بتأكيد التزامه وتنازله عن مستحقاته للإسماعيلي، مؤكدًا أن قراره كان مهنيًا بحتًا.
في يونيو 2004، انضم النحاس إلى الأهلي في صفقة أثارت الجدل، لكنه سرعان ما أثبت أنه إضافة لا تُضاهى.
أصبح ركيزة أساسية في دفاع الفريق، وأسهم في حصد 5 ألقاب للدوري المصري «2004-2009»، و3 ألقاب لدوري أبطال إفريقيا «2005، 2006، 2008»، و3 ألقاب لكأس السوبر الإفريقي «2006، 2007، 2009».
موسم 2005-2006 كان استثنائيًا، حيث سجل النحاس 8 أهداف كمدافع، منها ثلاثية في مرمى الاتحاد السكندري «انتهت 6-0»، وهدفًا مهاريًا في دوري أبطال إفريقيا ضد ريناسيمينتو الغيني «4-0».
كما سجل هدفًا حاسمًا في ركلات الترجيح ضد النجم الساحلي، منح الأهلي كأس السوبر الإفريقي 2006.
دوره في بطولة كأس العالم للأندية 2005، حيث حقق الأهلي المركز الثالث، كان شاهدًا على قيمته كلاعب عالمي.
مع منتخب مصر، كان النحاس عمودًا دفاعيًا في تصفيات كأس العالم وكأس الأمم الإفريقية، حيث اشتهر بتنظيمه الدفاعي وصلابته.
أنهى النحاس مسيرته لاعبًا في 2009 مع الأهلي، تاركًا إرثًا من 43 لقبًا وذكريات لا تُنسى.
بعد اعتزاله، لم يبتعد عن الكرة، بل اختار طريقًا جديدًا لخدمة اللعبة التي أحبها.
بدأ النحاس مسيرته التدريبية في 2014 بقيادة أسوان في الدرجة الثانية، حيث نجح في إعادة الفريق إلى الدوري الممتاز بعد غياب 11 عامًا. لاحقًا، درّب أندية مثل الرجاء، المقاولون العرب، الاتحاد السكندري، وطلائع الجيش، وحتى نادي التحدي الليبي في 2023.
قاد المقاولون للعودة إلى الكونفدرالية الإفريقية، لكنه واجه تحديات مثل الظروف العائلية وسوء النتائج التي أدت إلى استقالاته من بعض الأندية.
في 27 أبريل 2025، جاءت الخطوة الأهم، بعد إقالة مارسيل كولر إثر هزيمة الأهلي أمام صن داونز في قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا، استُدعي النحاس لقيادة الفريق مؤقتًا، بجانبه محمد شوقي مدربًا مساعدًا، وميشيل يانكون لحراس المرمى، يواجه النحاس مهمة إعادة بناء فريقٍ مكسور، وسط توقعاتٍ ثقيلة من جماهيرٍ لا تقبل إلا بالقمة.
النحاس يقف الآن على خط التماس، عيناه تحملان بريق المحارب، وقلبه ينبض بحلم إعادة الأهلي إلى عرشه.
خبرته كمدافع تمنحه فهمًا عميقًا لتنظيم الفريق، وقيادته الطبيعية تجعله قادرًا على إشعال الحماس في اللاعبين، لكنه يواجه عاصفة: الأحمر على صفيح ساخن، وعشاق ينتظرون المعجزات.
هل سيكون النحاس المنقذ الذي يعيد الأهلي إلى منصات التتويج؟ أم أن مهمته المؤقتة ستكون مجرد فصلٍ عابر؟