|




رياض المسلم
«أنا ما أتابع كورة بس أحب الأهلي»
2025-05-04
في القسم الرياضي لصحيفة الحياة السعودية، وعندما كانت الحياة تدب في أروقتها وتدور عجلات مطابعها وحبرها يزين أوراقها، يدلف رئيس تحريرها جميل الذيابي مناقشًا الزملاء وكنت أحدهم عن أحوال الرياضة السعودية والدوري في زمن مضى عليه عشرون عامًا، وقبل أن يغادر يقول: «أنا ما أتابع كورة لكن أحب الأهلي، وأشوف مبارياته»..
تكررت إجابة الصحافي الراقي بتاريخه وطرحه وثقافته في كل مرة نسأله عن ميوله، ونبحث معه عن مسببات لعشق نادٍ كان بعيدًا عن المنصات، فيجيب: «تعجبني طريقة لعبه ونجومه منذ عهد دابو الأب»، وفي قانون الجذب، فإن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، لكن الأمر استمر بين الإنسان والنادي، فكان الرقي الرابط بين الصحافي الجميل والنادي الكبير..
عشاق الأهلي يعيشون حالة حب خاصة تصل إلى حد جنون تبلغ قمة العقل، وقد تتعرف على ميولهم قبل وضعهم للشال على أكتافهم أو النطق بهواهم الكروي، وإذا كان الاتحاديون يتغنون بالأكثرية في أعدادهم والأهازيج الخاصة في مدرجاتهم، فإن جمهور الأهلي شكلوا رمزًا للوفاء، فيكفي وقوفهم مع الفريق في رحلة الهبوط والعودة، فكانت المكافأة لقب نخبة آسيا، وأي رد للدين فعله رجال الأهلي..
فوز الأهلي باللقب القاري، اختلف عن أي إنجاز مماثل حققه نظراؤه من الأندية السعودية، فلم تخرج لغة التشكيك أو تصدير التفاهات أو التقليل من المنجز، بل كان ذهبًا قاريًا مستحقًا يملأ العينان ويخرس اللسان، فصفقت له الكفّان..
والجميل في إنجاز الأهلي أنه كان مرشحًا قويًا من قبل الكثير من النقاد، ولم يتفوهوا بذلك من بحر خيالهم، بل استعانوا بلغة الأرقام، فلقد كان متصدرًا في الأدوار التمهيدية والأفضل في النتائج والمستوى من الغريمين الهلال والنصر، وعند إعلان إقامة النهائيات في جدة ارتفعت الترشيحات للأهلي، لكن يبدو أن كل تلك المسكنات لم تدخل إلى غرفة طوارئ الأهلي، فظل اللاعبون يتعافون من التخدير الإعلامي بالتركيز، واسألوا لاعبي الهلال عن ذلك..
إنجاز الأهلي القاري، قلب الموازين وعشنا فرحة وطن بمنجز مستحق يأتي بعد توفيقه سبحانه وتعالى إلى الدعم الكبير الذي تلقاه الرياضة السعودية بكافة ألعابها من قبل القيادة الرشيدة ـ حفظها الباري ـ فشاهدنا فريقًا شرسًا في النهائي القاري، ويأتي انعكاسًا للتطور الكبير في دورينا في السنوات الأخيرة، وإذا ما حافظنا على هذا النجاح فلن تخرج نخبة آسيا من بين أيدينا، ولنا في كبيري إسبانيا مدريد وبرشلونة خير مثال، فإذا كنت تملك أقوى دوري فأنت مطالب أن تبرهن ذلك لمنافسيك في القارة بأنك الأفضل وتكتسح منصات الذهب..
وبعد ليلة الأهلي، لا يلام عشاقه في حبه، ومن يريد معرفة سر المحبة العميقة فليتمعن فيما كتبه العاشق الأهلاوي الكبير الشاعر الراحل مساعد الرشيدي:

غِبْ ثلاثين عام.. ورد مجدك بليلة
ليلتك عن سنين وعامهم عن ليالي

ويرد على نفسه في العشق:

لا فاز الأهلي تنام الأرض مبسوطة
العشب سر ابتسامتها وفرحتها..