لاجامي.. من الجارودية إلى معركة الملكي

في بلدة الجارودية الهادئة بمحافظة القطيف، أبصر علي لاجامي النور في 24 أبريل 1996، ليبدأ رحلة استثنائية من شوارع الطفولة إلى قمم النجومية في عالم كرة القدم السعودية.
علي كتب فصلًا جديدًا، الثلاثاء، في الصراعات التعاقدية بين الهلال والنصر، قطبي العاصمة، بعد مغادرته عرين الأصفر إلى غريمه الأزرق.
بعيدًا عن أضواء الملاعب، يعيش علي حياة هادئة ملؤها الدفء العائلي، يشكل ابنه سيف، البالغ من العمر ثلاثة أعوام، وزوجته، مركز سعادته ومصدر إلهامه، فيما يبرز في حياته شقيقه التوأم قاسم، الذي يشاركه ليس فقط ملامح الوجه، بل شغف الساحرة المستديرة.
قاسم، مدافع القادسية، كان رفيق درب علي منذ الطفولة، حيث كانا يركضان خلف الكرة في أزقة الجارودية، يحلمان بمستقبل يعانق النجوم، هذا التشابه بين التوأمين لم يقتصر على المظهر، بل امتد إلى الموهبة.
في لحظة طريفة عام 2023، عندما أُذهل ساديو ماني، نجم النصر، بالتشابه بينهما خلال مباراة ضد الفتح، توقف الجناح السنغالي مذهولًا وهو يصافح قاسم، ظنًا أنه علي، في قصة أضافت لمسة إنسانية إلى مسيرتهما.
بدأ علي لاجامي مشواره الكروي في نادي المحيط، تلك البوابة الأولى، التي شهدت صقل موهبته.
هناك، برز مدافعًا صلبًا، يجمع بين القوة البدنية والوعي التكتيكي، وهي السمات التي جعلت المدربين يتنبؤون له بمستقبل باهر.
إلى جانب شقيقه قاسم، شكّل علي ثنائيًا دفاعيًا مميزًا، يلفت الأنظار في كل مباراة، هذه الموهبة لم تمر مرور الكرام، فقد قادته إلى نادي الخليج في 2014، حيث بدأ في صياغة اسمه أحد المدافعين الواعدين.
في الخليج، شارك في 36 مباراة، سجل خلالها ثلاثة أهداف، وأظهر تميزًا لافتًا في الالتحامات الهوائية، وقراءة تحركات الخصوم، ما جعله محط أنظار الأندية الكبرى.
في 2017، خطا علي خطوة جديدة بانضمامه إلى نادي الفتح، حيث التحق به قاسم بعد ستة أشهر، ليواصلا مغامرتهما معًا.
في الفتح، أصبح علي ركيزة دفاعية لا غنى عنها، قادرًا على شغل مركز قلب الدفاع أو الظهير بكفاءة عالية، أداؤه المتميز لفت أنظار نادي النصر، العملاق العاصمي، الذي لم يتردد في ضمه صيف 2020.
انضمام علي إلى النصر كان بمثابة نقطة تحول في مسيرته، واجه تحدي اللعب إلى جانب نجوم عالميين، مثل كريستيانو رونالدو، وساديو ماني، لكنه أثبت أنه على قدر المسؤولية.
خلال خمسة أعوام، شارك في 167 مباراة بالدوري السعودي، سجل هدفين، وقدم خمس تمريرات حاسمة، لكن مسيرته لم تخلُ من التحديات، إذ تلقى بطاقتين حمراوين و19 بطاقة صفراء، ما يعكس أسلوبه القتالي في الملعب.
إحدى اللحظات الصعبة كانت في نصف نهائي دوري أبطال آسيا 2021 ضد الهلال، حيث طُرد بعد احتكاك مع موسى ماريجا، لاحقًا، تحدث علي عن تلك التجربة، قائلًا: «كانت مباراة قاسية، لكنها علّمتني كيف أتحكم بانفعالاتي، وأظل مركزًا تحت الضغط».
يوم الثلاثاء، أعلن الهلال تعاقده مع علي لاجامي في صفقة انتقال حر، بحضور فهد بن نافل، رئيس النادي.
هذا الانتقال ليس مجرد تغيير للألوان، بل بداية فصل جديد يحمل تحديات عالمية، مع الهلال، متى ما تنازل النصر عن بقية عقد لاجامي، الذي ينتهي الشتوية المقبلة، حتى يتمكن من خوض غمار كأس العالم للأندية، حيث سيواجه عمالقة، مثل ريال مدريد، ونجومًا بحجم كيليان مبابي، وفينيسيوس جونيور. خبرته الدولية، التي تشمل 17 مباراة مع المنتخب السعودي، تجعله مرشحًا للتألق في هذا الاختبار الكبير.
في الوقت الذي يبدأ فيه علي مغامرته مع الهلال، يواصل شقيقه قاسم تألقه مع القادسية، الذي انضم إليه في يوليو 2024 بعقد يمتد حتى 2026.
قاسم، الذي بدأ مسيرته أيضًا في نادي المحيط، ثم الخليج، والفتح، اشتهر بقوته الدفاعية، حيث شارك هذا الموسم في 12 مباراة.
التوأمان، على الرغم من افتراقهما في الأندية، يظلان رمزًا للوحدة والطموح، حيث يشق كل منهما طريقه نحو القمة.
مع المنتخب السعودي، يبقى علي جزءًا أساسيًا من خطط المدرب الفرنسي هيرفي رينارد. بطموحاته الكبيرة، يحلم بالتأهل إلى كأس العالم، حاملًا معه خبرة المباريات الدولية، وروح التحدي، التي صقلتها أعوام اللعب في أعلى المستويات.
من أزقة الجارودية إلى أضواء الملاعب العالمية، تستمر قصة علي لاجامي وهو يكتب فصلًا جديدًا مع الهلال، حاملًا معه أحلام الطفولة وطموحات المستقبل.