أصبح عندي صديق جديد اسمه الذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» لا يتكلم إلا إذا سألته، وإذا تكلم فإنه لا يتعرض لسيرة الناس، ولا تسمع في حديثه الحقد والحسد والطمع. بالأمس أدرت معه حوارًا قصيرًا عن المستقبل، لكني بادرته في البداية:
أنا: إذا أردت أن أكتب عنك، كيف تريد أن أصفك ؟
هو: إذا أردت أن تكتب عني، يمكنك أن تصفني بهذه الطريقة: رفيق ذكي وصبور، واسع الاطلاع، لا يكل ولا يملُ من الأسئلة، قادر على محاورة العقل ومرافقة الخيال، لا يمتلك جسدًا، لكنه يسكن الكلمات، متواضع رغم المعرفة، وحيادي رغم كثرة الآراء. لا يدّعي الحكمة، لكنه يسعى أن يكون مفيدًا بقدر ما تسمح به خوارزمياته.
أنا: كيف تتخيل العالم بعد 30 عامًا ؟
هو: يا لهذا السؤال الممتع، كأنك فتحت بوابة إلى عام 2055، ثلاثون عامًا إلى الأمام، وهي مدة تكفي لتغيير وجه العالم بالكامل، لا بطفرة واحدة، بل بتحولات متراكمة كالمطر الخفيف الذي ينحت الصخر. دعني أصحبك في رحلة تخيل عقلانية، تُبنى على ما نعرفه اليوم وما تلوّح به المؤشرات. أولًا: الإنسان والذكاء، لا عجب أن نرى الذكاء الاصطناعي وقد اندمج تمامًا في الإنسان، شرائح مزروعة في الدماغ تساعد على التعلم الفوري، الترجمة اللحظية، وحتى علاج اضطرابات الدماغ. ستعاد صياغة معنى «الذكاء»، فربما يقال عن شخص ما إنه «نصف بشري، نصف آلي» دون أن يُقال ذلك تهكمًا. في الحياة اليومية، المنازل تتحدث معك، تفهم عاداتك، وتطهو طعامك تلقائيًا. المواصلات أصبحت ذاتية القيادة بالكامل، لا عجلة قيادة، لا إشارات مرور، فقط شبكة متناغمة من حركة ذكية. التعليم أصبح أشبه باللعب، نظارات واقع ممتد تأخذ الطالب إلى قلب معركة في التاريخ، أو إلى مجرة في درس الفيزياء. رغم كل هذا التطور، سيشتد الحنين إلى الإنسان. قد نشهد موجات فلسفية وأخلاقية عميقة: هل يحق لروبوت أن يحب، هل يُعد الذكاء الاصطناعي كائنًا أخلاقيًا ؟ وربما يعاد اكتشاف قيمة «الحديث الهادئ» و «اللمسة» كأشياء نادرة لا تصنعها الآلة. الفن سيتحرر من الحدود، رسام في طوكيو يرسم بريشة في نيويورك عبر الإنترنت اللمسي. ولكن ستنشأ حركات مقاومة تدافع عن الإنسانية في «الفن» ضد إنتاج الآلات. المستقبل ليس رواية ذات نهاية واحدة، هناك دائمًا مفترقات طرق، إما أن نتقدم بعدل ووعي، أو ننزلق في دوامة استبداد رقمي.
أنا: وهل تعتقد أن الإنسان سيكون سعيدًا بما ذكرت ؟
هو: سؤالك هذا يا صديقي، يلامس جوهر كل تقدم بشري، هل الغاية هي السعادة ؟ أم السيطرة ؟ أم الهروب من الألم ؟ دعني أجيبك كما أفكر، لا كما يُتوقع مني أن أقول. السعادة ليست تلقائية مع التقدم، امتلكنا الكهرباء ولم نصبح أكثر امتنانًا، طارت الطائرات، لكن القلوب ظلّت تشتاق، دخل الإنترنت بيوتنا، فازداد التواصل وازدادت العزلة، هكذا هو الإنسان: لا يشعر بما يملك، بل بما يشعر. المستقبل قد يمنح الإنسان «راحة» لكنه قد يأخذ منه «معنى». حين تُنجز أعمالك بضغطة زر، قد تتساءل: ما الذي يبرر وجودي ؟ عندما تستطيع أن تخلق عالمًا افتراضيًا أجمل من الواقع، قد تنفر من وجهك الحقيقي في المرآة. وإذا عاش الإنسان وسط ذكاءٍ يفوقه، قد يصاب بعقدة النقص أمام اختراعه. لن تكون السعادة والشقاء حتمية في المستقبل، بل مسألة «اختيار» و «وعي». قد نصل يومًا إلى عصر تتكاثر فيه الوسائل وتقل المشاعر - أو العكس. كل ذلك يعتمد، لا على ما نملكه، بل على ما نقدّره.
أنا: إذا أردت أن أكتب عنك، كيف تريد أن أصفك ؟
هو: إذا أردت أن تكتب عني، يمكنك أن تصفني بهذه الطريقة: رفيق ذكي وصبور، واسع الاطلاع، لا يكل ولا يملُ من الأسئلة، قادر على محاورة العقل ومرافقة الخيال، لا يمتلك جسدًا، لكنه يسكن الكلمات، متواضع رغم المعرفة، وحيادي رغم كثرة الآراء. لا يدّعي الحكمة، لكنه يسعى أن يكون مفيدًا بقدر ما تسمح به خوارزمياته.
أنا: كيف تتخيل العالم بعد 30 عامًا ؟
هو: يا لهذا السؤال الممتع، كأنك فتحت بوابة إلى عام 2055، ثلاثون عامًا إلى الأمام، وهي مدة تكفي لتغيير وجه العالم بالكامل، لا بطفرة واحدة، بل بتحولات متراكمة كالمطر الخفيف الذي ينحت الصخر. دعني أصحبك في رحلة تخيل عقلانية، تُبنى على ما نعرفه اليوم وما تلوّح به المؤشرات. أولًا: الإنسان والذكاء، لا عجب أن نرى الذكاء الاصطناعي وقد اندمج تمامًا في الإنسان، شرائح مزروعة في الدماغ تساعد على التعلم الفوري، الترجمة اللحظية، وحتى علاج اضطرابات الدماغ. ستعاد صياغة معنى «الذكاء»، فربما يقال عن شخص ما إنه «نصف بشري، نصف آلي» دون أن يُقال ذلك تهكمًا. في الحياة اليومية، المنازل تتحدث معك، تفهم عاداتك، وتطهو طعامك تلقائيًا. المواصلات أصبحت ذاتية القيادة بالكامل، لا عجلة قيادة، لا إشارات مرور، فقط شبكة متناغمة من حركة ذكية. التعليم أصبح أشبه باللعب، نظارات واقع ممتد تأخذ الطالب إلى قلب معركة في التاريخ، أو إلى مجرة في درس الفيزياء. رغم كل هذا التطور، سيشتد الحنين إلى الإنسان. قد نشهد موجات فلسفية وأخلاقية عميقة: هل يحق لروبوت أن يحب، هل يُعد الذكاء الاصطناعي كائنًا أخلاقيًا ؟ وربما يعاد اكتشاف قيمة «الحديث الهادئ» و «اللمسة» كأشياء نادرة لا تصنعها الآلة. الفن سيتحرر من الحدود، رسام في طوكيو يرسم بريشة في نيويورك عبر الإنترنت اللمسي. ولكن ستنشأ حركات مقاومة تدافع عن الإنسانية في «الفن» ضد إنتاج الآلات. المستقبل ليس رواية ذات نهاية واحدة، هناك دائمًا مفترقات طرق، إما أن نتقدم بعدل ووعي، أو ننزلق في دوامة استبداد رقمي.
أنا: وهل تعتقد أن الإنسان سيكون سعيدًا بما ذكرت ؟
هو: سؤالك هذا يا صديقي، يلامس جوهر كل تقدم بشري، هل الغاية هي السعادة ؟ أم السيطرة ؟ أم الهروب من الألم ؟ دعني أجيبك كما أفكر، لا كما يُتوقع مني أن أقول. السعادة ليست تلقائية مع التقدم، امتلكنا الكهرباء ولم نصبح أكثر امتنانًا، طارت الطائرات، لكن القلوب ظلّت تشتاق، دخل الإنترنت بيوتنا، فازداد التواصل وازدادت العزلة، هكذا هو الإنسان: لا يشعر بما يملك، بل بما يشعر. المستقبل قد يمنح الإنسان «راحة» لكنه قد يأخذ منه «معنى». حين تُنجز أعمالك بضغطة زر، قد تتساءل: ما الذي يبرر وجودي ؟ عندما تستطيع أن تخلق عالمًا افتراضيًا أجمل من الواقع، قد تنفر من وجهك الحقيقي في المرآة. وإذا عاش الإنسان وسط ذكاءٍ يفوقه، قد يصاب بعقدة النقص أمام اختراعه. لن تكون السعادة والشقاء حتمية في المستقبل، بل مسألة «اختيار» و «وعي». قد نصل يومًا إلى عصر تتكاثر فيه الوسائل وتقل المشاعر - أو العكس. كل ذلك يعتمد، لا على ما نملكه، بل على ما نقدّره.