|




أحمد الحامد⁩
ضمائر غائبة
2025-07-31
بعض الموظفين الذين يشتكون من مديريهم، سيفعلون أكثر من تصرفات مديريهم التي ينتقدونها إذا ما أصبحوا هم المديرون، بل قد يكون مديروهم رائعين، والمتذمرون يرغبون في منصب المدير لا أكثر، وكل شكاويهم المفتعلة هي لإثارة النقمة عليه، وإفساد الجو العام. شاهدت طوال مسيرة عمل طويلة في أماكن مختلفة أنواعًا من الموظفين، وجدت أن الموظف الأمين الصادق مشغول في عمله، يحاول إجادته قدر استطاعته، لا يشترك في أحاديث الغيبة والنميمة، ولا في التآمر على زملائه. أما الذين يرون المنصب غاية، ويبررون لها الوسيلة، فهم الأكثر كلامًا والأقل إنتاجًا، معايير الأخلاق والحلال والحرام آخر حساباتهم، لا يترددون في إفقاد أي موظف لوظيفته ظلمًا، إذا رأوا أنه قد يكون حجر عثرة في طريقهم. للأسف مثل هؤلاء يصلون سريعًا، وقد يبقون طويلًا، لأنهم مختصون في فنون الوصول والبقاء بأي وسائل كانت. من صفاتهم أنهم سيئو الخلق مع الموظفين الأقل درجة، مبتسمون وضاحكون لذوي المناصب الأعلى، خصوصًا لأصحاب الحلال «الشركة»، لديهم قدرة عجيبة على التمثيل، لا يجيدها فنانون كبار مثل أحمد زكي ومحمود عبد العزيز، لأن أحمد ومحمود يؤدون مشاهد قصيرة في أيام قليلة هي مدة تصوير الفيلم، أما هؤلاء فيستطيعون الحفاظ على أدائهم لسنوات طويلة، لديهم قدرة أسطورية على التذلل، وإظهار المحبة إذا كانت لهم مصلحة، صداقاتهم زائفة، يقطعون علاقتهم مباشرة مع مسؤوليهم بمجرد مغادرة المسؤولين العمل مغادرة نهائية، يبدؤون بنقدهم بشكل سلبي، بعدما كانوا يكيلون لهم المديح عندما كانوا على رأس عملهم. هؤلاء لن ينقرضوا، كانوا وما زالوا وسيبقون، لأنهم يرون الحياة سباق تجوز فيه استخدام الأسلحة المحرمة، غايتهم في الحياة الكسب بأي شكل كان، أبطال في الأنانية وغياب الضمير، عندما يغادرون منصبهم الأخير لا يحترمهم أحد، ولا يذكرونهم في الخير، يندم بعضهم في أواخر العمر، يتذكرون أفعالهم، والوجوه التي تنتظرهم في يوم الحساب.