صالح الطريقي
الدين.. الوطن.. الرياضة
2025-08-06
منذ عقود والإعلام الرياضي متورط بأفراد، يستخدمون الدين والوطنية سلاحًا لتهديد من يخالفهم الانتماء، يقول أحدهم «من يتمنى هزيمة فريقي، فهو جاهل بحقوق دينه»، وآخر «من يتمنى هزيمة فريقي فلقد أجرم بوطنيته».
وإن لعب فريق لا ينتمي له، قال «النادي الكوري منظم ومحترم بعكس النادي السعودي، أنا مع الأفضل دائمًا ولا دخل للوطنية».
فما الذي يجعل هذا الطرح يستمر، ويتبناه الكثير من الجماهير؟
يخيل لي أن السبب مرتبط بأن الجماهير يعتقدون أن هناك رابطًا مشتركًا يجمع الانتماء للدين بالوطن بالرياضة؟
وهذا اعتقاد خاطئ، فالإنسان بطبعه «متعدد الانتماءات»، ولكن لكل انتماء أسبابه الموضوعية والخاصة.
فالإنسان ينتمي عقديًا، لأن الدين قدم له إجابات مقنعة على «أسئلة وجودية» تؤرقه: من أين جئت، وما غاية وجودي، وماذا سيحدث بعد الموت»؟
أما انتماؤك للوطن فينشأ لأسباب مختلفة ومادية، تخرج للعالم في مكان ما، فترعاك أسرتك ومجتمعك وأصدقاؤك، ويوفر لك الوطن «الأمن الغذاء العلاج التعليم العمل»، وهكذا تنشأ بينك وبين الوطن علاقة حب وانتماء لما قدمه لك.
في الرياضة الانتماء مختلف تمامًا، فهو مرتبط بالذائقة، تشجع ناديًا ما لأنه أشبع ذائقتك، ولتتضح الصورة أكثر.
ـ ما الذي يجعل الكثير من المواطنين ينتمون/يشجعون «ريال مدريد، أو برشلونة»؟
هل الدين هو الدافع، أو الوطنية؟
بالتأكيد لا هذا ولا ذاك، بل لأن الفريق يلعب بطريقة يراها ممتعة بالنسبة له «أي حقق الفريق إشباعًا لذائقته»، وهذا هو الدافع الحقيقي للانتماء الرياضي.
أضف إلى ذلك طبيعة الرياضة، أو المباراة، ما إن يصفر الحكم إلا وينقسم المشاهدون لحزبين، كل حزب منحاز لفريق، حتى وإن كانوا يشاهدون الفريقين لأول مرة، فمع الوقت سيجدون أنفسهم منحازين، ويشجعون أحد الفريقين، وكل منهم يهتف لفريقه المؤقت، ويتمنى فوز من انتمى له.
خلاصة القول،
في الرياضة حين يتمنى مشجع هزيمة فريقك، هو لا يقف ضد الدين أو الوطن، أو حتى ضدك، بل يتمنى فوز الفريق الذي يشجعه، وليحدث هذا لابد أن يتمنى هزيمتك.