في الوقت الذي تتسابق فيه الأندية السعودية الكبرى للتوقيع مع شركات ملابس عالمية، يغيب عن هذه الشركات أمر جوهري: سوق الملابس في السعودية ليس كالسوق في أوروبا، بل هو عالم مختلف تمامًا في الثقافة، والسلوك، وسلسلة التوزيع.
لدينا أكثر من 4000 محل منتشر في أحياء المملكة تبيع قمصان الأندية ـ محلية وعالمية ـ لكن الحقيقة الصادمة أن 95 % منها غير قانوني. السبب؟ العقود الموقّعة مع الشركات الكبرى تشترط مواصفات ومعايير لا يستطيع تنفيذها صاحب محل في «الحارة». لا يستطيع أن يطلب ألف قطعة دفعة واحدة، ولا أن يبيع بقميص تتجاوز قيمته نصف راتب موظف متوسط.
فئة «اللاعبين» فقط هي التي تُطرح في الأسواق، وغالبًا تكون حكرًا على متاجر الأندية الرسمية أو الشركة نفسها، بينما فئة «الجمهور» غائبة أحيانًا، رغم وجود عقود رسمية مع أندية سعودية. هذا ليس خطأ السوق، بل هو عدم فهم لثقافة المشجع السعودي.
في أوروبا، الشركات تعتمد على السياح في مبيعات القمصان بنسبة 60 %، وتطرح منتجات الموسم الجديد في يوليو وأغسطس. لكن في السعودية، الوضع مختلف الصيف حار، والسياحة الداخلية في الصيف محدودة، وحصة السائح لا تتجاوز 2 % من المبيعات.
أما ثقافة الشراء، فهي مختلفة جذريًّا. المشجع الغربي يدّخر شهورًا لشراء قميص ناديه، بينما عندنا يعتمد الشاب حتى سن المراهقة وما فوقها على دعم والده أو أخوته. فكيف تطلب من ولي الأمر أن يدفع 500 ريال لقميص واحد، وهو مسؤول عن عدة أبناء وكلهم يشجعون؟
النتيجة الطبيعية؟ التقليد ينتصر. أكثر من 80 % من المشجعين، بل وحتى لاعبين وأجهزة فنية وإدارية، يشترون المقلد. وكلما ارتفع سعر الأصلي، زاد الإقبال على التقليد.
ولو قرَّرت الشركات مثلًا إلغاء «فئة الجمهور» تمامًا، وركزت فقط على النخبة، فهي بذلك تهدم أساس الانتماء الرياضي. دراسة حديثة تؤكد أن 50 % من الانتماء لأي نادٍ يرتبط بالقميص. إذا فقدناه، سنخسر جيلًا كاملًا من المشجعين، وسنخلق فراغًا قد يُملأ بأفكار وأنشطة بعيدة عن الرياضة والهوية.
أنا هنا لا أكتب كمراقب من بعيد، بل من واقع خبرة وعلم بالسوق السعودي وثقافته بجذورها، ومن تجربة عملية أسست خلالها علامة تجارية لنادي الهلال «موج» حققت انتشارًا واسعًا وصدى كبيرًا، ما منحني فهمًا دقيقًا لسلوك المشجع السعودي وواقع سوق الملابس الرياضية في المملكة.
وأؤكد بوضوح: إن أردتم بناء جمهور قوي، فابدؤوا من القميص، نعم هذا القميص العجيب وأقيموا سوقًا قانونيًّا يحميه، مع فهم عميق لثقافة هذا السوق. وإن أردتم النجاح في السعودية، فلا تكرروا التجربة الأوروبية، بل ابتكروا تجربة سعودية مستدامة.
لدينا أكثر من 4000 محل منتشر في أحياء المملكة تبيع قمصان الأندية ـ محلية وعالمية ـ لكن الحقيقة الصادمة أن 95 % منها غير قانوني. السبب؟ العقود الموقّعة مع الشركات الكبرى تشترط مواصفات ومعايير لا يستطيع تنفيذها صاحب محل في «الحارة». لا يستطيع أن يطلب ألف قطعة دفعة واحدة، ولا أن يبيع بقميص تتجاوز قيمته نصف راتب موظف متوسط.
فئة «اللاعبين» فقط هي التي تُطرح في الأسواق، وغالبًا تكون حكرًا على متاجر الأندية الرسمية أو الشركة نفسها، بينما فئة «الجمهور» غائبة أحيانًا، رغم وجود عقود رسمية مع أندية سعودية. هذا ليس خطأ السوق، بل هو عدم فهم لثقافة المشجع السعودي.
في أوروبا، الشركات تعتمد على السياح في مبيعات القمصان بنسبة 60 %، وتطرح منتجات الموسم الجديد في يوليو وأغسطس. لكن في السعودية، الوضع مختلف الصيف حار، والسياحة الداخلية في الصيف محدودة، وحصة السائح لا تتجاوز 2 % من المبيعات.
أما ثقافة الشراء، فهي مختلفة جذريًّا. المشجع الغربي يدّخر شهورًا لشراء قميص ناديه، بينما عندنا يعتمد الشاب حتى سن المراهقة وما فوقها على دعم والده أو أخوته. فكيف تطلب من ولي الأمر أن يدفع 500 ريال لقميص واحد، وهو مسؤول عن عدة أبناء وكلهم يشجعون؟
النتيجة الطبيعية؟ التقليد ينتصر. أكثر من 80 % من المشجعين، بل وحتى لاعبين وأجهزة فنية وإدارية، يشترون المقلد. وكلما ارتفع سعر الأصلي، زاد الإقبال على التقليد.
ولو قرَّرت الشركات مثلًا إلغاء «فئة الجمهور» تمامًا، وركزت فقط على النخبة، فهي بذلك تهدم أساس الانتماء الرياضي. دراسة حديثة تؤكد أن 50 % من الانتماء لأي نادٍ يرتبط بالقميص. إذا فقدناه، سنخسر جيلًا كاملًا من المشجعين، وسنخلق فراغًا قد يُملأ بأفكار وأنشطة بعيدة عن الرياضة والهوية.
أنا هنا لا أكتب كمراقب من بعيد، بل من واقع خبرة وعلم بالسوق السعودي وثقافته بجذورها، ومن تجربة عملية أسست خلالها علامة تجارية لنادي الهلال «موج» حققت انتشارًا واسعًا وصدى كبيرًا، ما منحني فهمًا دقيقًا لسلوك المشجع السعودي وواقع سوق الملابس الرياضية في المملكة.
وأؤكد بوضوح: إن أردتم بناء جمهور قوي، فابدؤوا من القميص، نعم هذا القميص العجيب وأقيموا سوقًا قانونيًّا يحميه، مع فهم عميق لثقافة هذا السوق. وإن أردتم النجاح في السعودية، فلا تكرروا التجربة الأوروبية، بل ابتكروا تجربة سعودية مستدامة.