يتذكر الأتراك عام 2006 بأنه الأكثر ألمًا كرويًا بعد تعثر منتخب بلادهم في الوصول إلى مونديال العالم في ألمانيا، وكان الأقرب للوصول لولا الملحق الأوروبي، الذي رمى بهم بعيدًا عن نهر الرين، ووصف يومها بأنه عام محزن للكرة التركية.
لكن في العام ذاته، بيت صغير في حي ينصح به السيّاح للتوجه إليه لقضاء ساعات طويلة من النوم، للهدوء الذي يعمه، يسمى بكاراكوي في القسم الأوروبي من مدينة إسطنبول التركية ويعاكس طبيعة المدينة الصاخبة، عمّت فيه السعادة ابتهاجًا بقدوم مولود اختير له اسم يوسف..
ولم يدرك والداه أن الطفل يوسف أكتشيشيك سيكون مصدر ثراء لهما، وهو يوقع عقدًا يتجاوز 22 مليون يورو مع الهلال السعودي، على الرغم من أنه لم يتخط الـ 19 عامًا.
عائلة الطفل التركي آمنت بموهبته، وتولّعها بكرة القدم دفعها لدعمه وتسجيله في أكاديمية غلطة سراي، وهو في العاشرة من عمره، لقربها من الحيّ، الذي يسكنه، واستمر فيها ثلاثة أعوام، بعدها أذعن لأصوات طلبت منه الانتقال للفئات السنية لدى الجار اللدود فنربخشة، فأوقد النار في حطب التنافس بين الغريمين التقليديين خارج الملعب، حتى ولو كان في الفئات السنية، قبل أن يخمدها بالإفصاح عن عشقه لجزر الكناري الصفراء.
ذاع صيت يوسف مع مرور الزمن، وبزغت موهبته سريعًا كانتشار النار في الهشيم، وسجل حضورًا لافتًا ومقنعًا لكبار المدربين، يتقدمهم الداهية البرتغالي مورينيو، الذي وصفه باللاعب الموهوب والذكي، مطالبًا إياه بالمحافظة على موهبته.
مسيرو النادي التركي لم ينتظروا طويلًا لتصعيده إلى الفريق الأول، فجعلوا العمر مجرد رقم وزجوا به في أشرس المنافسات وهو في الـ 17 من عمره عام 2023، فكان المدافع الصلب والصخرة الصغيرة الكبيرة، التي تحطمت عليها أكثر طموحات المهاجمين.
ويتذكر عشاق فنربخشة تألقه بأولى المباريات في دوري أبطال أوروبا أمام فريق لودوجوريتس البلغاري، وسبقها بالدوري التركي، فكانتا جواز سفره للمرور إلى منتخب بلاده بعمر الـ 18..
وفي العام الجاري، ومع بلوغه الـ 19، سرت أنباء لانتقاله إلى أندية أوروبية عدة، منها بايرن ميونيخ وإشبيلية، بعد أن ذاع صيته ووهجه، لكن الهلال حسم الصفقة لمصلحته، وضمه أربعة أعوام، بعد طلب من الإيطالي سيموني إنزاجي، مدرب الفريق.