خالد الربيعان
رونالدو السعودي
2025-11-16
في لحظة إنسانية تختصر رحلة التحول السعودي في الرياضة والإعلام، قال كريستيانو رونالدو عبارته الشهيرة في اللقاء الأخير: «أنا سعودي». جملة واحدة، لكنها اختصرت مسارًا طويلًا من العمل والرؤية والهوية. لم تكن مجاملة بروتوكولية، بل إعلان انتماء من أكثر النجوم تأثيرًا على وجه الأرض، نجم يتابعه أكثر من 1.1 مليار إنسان حول العالم، ويتحدث بصوته عن السعودية كبيتٍ ثانٍ له. تلك العبارة وحدها تجاوزت حدود اللغة والرياضة، لتصبح حدثًا إعلاميًا استثنائيًا قُدّر بأن يشاهده خلال أيام قليلة أكثر من 400 مليون شخص عبر مختلف المنصات، وهو رقم لا يتحقق إلا في نهائي كأس العالم أو نهائيات السوبر بول الأمريكية.
المقطع الذي قال فيه رونالدو «أنا سعودي» انتشر بسرعة مذهلة، فخلال الـ 24 ساعة الأولى فقط تجاوز 120 مليون مشاهدة، بينما وصلت المشاهدات خلال الأيام الأولى إلى 380 مليون مشاهدة على «تويتر، تيك توك، إنستجرام ويوتيوب» مجتمعة. أما بعد شهر، فسيبلغ عدد المشاهدات المتراكمة ما يفوق 650 مليون مشاهدة عالميًا، وهو رقم يجعل المقطع بين أكثر المحتويات الرياضية تداولًا في العالم خلال عام 2025. التفاعل لم يقتصر على المشاهدات، إذ سجّل وسيسجل أكثر من 4.6 ملايين إعادة نشر، و15 مليون تفاعل مباشر بين إعجابات وتعليقات ومشاركات. ووفق تقارير رصد رقمية من شركات تحليل المحتوى، فقد ارتفعت معدلات البحث عن Saudi Arabia بنسبة +270٪ خلال يومين فقط من انتشار المقطع، خصوصًا في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
تلك العبارة البسيطة خلقت تأثيرًا اقتصاديًا غير مباشر يمكن قياسه بالأرقام. ففي عالم التسويق الرقمي، يُحتسب ما يُعرف بالقيمة الإعلامية المكتسبة «EMV»، أي ما يعادل الإعلانات المجانية الناتجة عن انتشار المحتوى. وبحسب متوسطات السوق في فئة المشاهير العالميين، تبلغ تكلفة الألف مشاهدة الواحدة في الحملات عالية القيمة حوالي 8 إلى 12 دولارًا. وبناءً على هذا المعدل، فإن 650 مليون مشاهدة تعني قيمة إعلامية تتراوح بين 5.2 و7.8 ملايين دولار في حدها الأدنى، وقد تصل فعليًا إلى 12 أو حتى 15 مليون دولار عند احتساب التكرار الإعلامي، الترجمة الدولية، والتفاعل عبر الصحف والتلفزيونات العالمية.
لكن القيمة الحقيقية تتجاوز الأرقام. فعندما يقول رونالدو «أنا سعودي» أمام جمهور العالم، فهو يضخّ رأس مال رمزي للسعودية، يعزز صورتها كقوة ناعمة تقود التحول الرياضي العالمي. لقد تناولت تصريحه أكثر من 70 وسيلة إعلام دولية في نفس اليوم، منها BBC وESPN وMarca وCNN، وتُرجم إلى 18 لغة. واحتل وسم #رونالدو_أنا_سعودي صدارة الترند في السعودية و12 دولة أخرى، بينها البرتغال، البرازيل، وإسبانيا.
أما على مستوى الهوية، فقد نجحت السعودية عبر هذا المشهد في توصيل رسالتها للعالم بطريقة لا يمكن لأي حملة مدفوعة تحقيقها. فالعبارة تحولت إلى إعلان عالمي غير مدفوع، نطقه شخصٌ يجسّد الطموح والانضباط والنجاح. ولهذا السبب يرى خبراء الإعلام أن القيمة الرمزية لهذا التصريح تفوق 20 مليون دولار عندما تُحسب كأثر طويل الأمد على صورة السعودية في الإعلام الغربي والرقمي.
رونالدو في حديثه الأخير لم يكن يروّج، بل يتحدث بصدق عن تجربة وجد فيها الراحة والاحترام والاحتراف. قالها بابتسامة حقيقية: «السعودية أصبحت بيتي الثاني، أنا سعودي». جملة واحدة جعلت العالم يعيد النظر في موقع السعودية على الخريطة الرياضية، ورسّخت فكرة أن السعودية لم تعد فقط دولة مضيفة، بل مركز صناعة ووجهة انتماء عالمية.
حين يربط مليار إنسان بين اسم رونالدو والسعودية، فإنها ليست مجرد لحظة إعلامية، بل استثمار وطني في الوعي الجمعي العالمي. ولهذا، حين نقول إن قيمتها تجاوزت 15 إلى 20 مليون دولار، فنحن لا نتحدث عن إعلان تقليدي، بل عن حدث ثقافي واقتصادي ودبلوماسي صنعته كلمة واحدة من لاعب واحد أصبح جزءًا من هوية وطن كامل.