في «بنان».. ماكينة ابنة الشمال وقف واستثمار
«المالُ والبنونَ زينةُ الحياةِ الدنيا» آية قرآنية واردة في سورة الكهف، يتدبرها من يقرأ كتاب الله المُعجز بالعقل لا الحفظ وحده، الكتاب المعظم الذي أوحي إلى النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيه كُل سر يُضيء وحشة الطريق، ويُهذّب المرء في أخلاقه، سلوكه، ونظافة قلبه.
أما في أمثالنا الشعبية.. يُقال «الأبناء استثمار حياة» فالاستثمار هُنا لا يقتصر على المال فقط، بل يشمل المشاعر أيضًا من اهتمام، حُبّ، وصدق.
فاتن.. شابة سعودية جاءت من منطقة الحدود الشمالية، إلى الرياض العاصمة، من أجل المشاركة في معرض «بنان 3» المنظم من قبل هيئة التراث.
أتت «ابنة الشمال» تحمل معها نتاج استثمار أب، سرقه الموت منها قبل ما يُقارب الثلاثة أعوام، في حادث مروري.
«لا أنام قبل أن أكلمه.. رسائلي معه في «الواتساب» يومية.. خبر وفاته فاجعة لم أُشفَ منها بعد».. هذه كلمات فاتن لـ«الرياضية» بعد أن كشفت عن تفاصيل مشروعها الذي تُشارك من خلاله في «بنان».
فاتن.. طالبة كلية العلوم قسم الرياضيات، في جامعة الحدود الشمالية، تجمعها مع والدها - رحمه الله - علاقة قوية، مبنية على الود، والصداقة، كان أقرب الناس لها، ورحيله أحدث فراغًا كبيرًا في حياتها، تقول :«لم أعرف شعور الخوف إلا بعد موته.. لذا فكرت في البدء بمشروع تجاري أتحدى بعائداته المالية صعوبات الحياة التي قد أواجهها مستقبلًا».
في عام 2023، استلمت الشابة السعودية حصتها من ورث والدها، وكانت أفكار المشاريع في خططها كثيرة، تُريد فكرة فيها استثمار، وشيء يعود بالفائدة على والدها الراحل إلى الأبد.
لم تغفل فاتن العائلة.. واستشارت الكثير منهم، حتى وصلت إلى فكرة شراء ماكينة تطريز حديثة، والبدء بمشروعها «faten_gold» المختص بالتطريز على القماش بأنواعه المتعددة، منها اللوحات، الصور، ومستلزمات الأطفال، في منصة «تيك توك».
ولأن والدها «بطل الحكاية» قررت فاتن أن تُقدم أعمالها للجمعيات الخيرية بالمجان، وقف للراحل، ورد جميل لأيام حُفرت تفاصيلها في ذاكرتها، مُطرزة باستثمار أب، كان نتاجه أجر مستمر حتى بعد وفاته.
ومع ختام معرض «بنان 3» مساء الأربعاء، تُغادر فاتن الرياض، بعد الزيارة الأولى، حاملة في حقيبتها أمرًا جديدًا طرأ عليها، مضيفة :«أشارك في المعرض للمرة الأولى.. بعد نصيحة تلقيتها من امرأة تشتغل في إدارة السوق الشعبي لدينا في الحدود الشمالية.. تعلمت في المعرض دروسًا عدة، كان أهمها الشغف والمنافسة».
فاتن خير ابنة.. زرع فيها والدها الحُب فأثمر لتأتي إلى «بنان» بماكينة الوقف والاستثمار.