سباليتي.. مزارع غادر بطلا وعاد خائنا
قبل عامين بالضبط، في السابع من ديسمبر 2023، كان لوتشيانو سباليتي يقف في ملعب «ماسكيو أنجيولو» متأثرًا وهو يتلقى من عمدة نابولي الجنسية الفخرية للمدينة.
وسام لم ينله من عالم الرياضة سوى دييجو أرماندو مارادونا نفسه.
دوى الملعب تصفيقًا، وكان سباليتي حينها بطلًا شعبيًّا قاد الفريق إلى السكوديتو الأول منذ 33 عامًا.
قال يومها إنَّ هذه الجنسية «تحدد علاقته مع الناس هنا»، وأضاف مازحًا «قد أشتري بيتًا في نابولي الآن».
اليوم، في السابع من ديسمبر 2025، يعود سباليتي إلى الملعب نفسه، لكن بقميص يوفنتوس، الخصم اللدود.
ما كان حبًا صاخبًا تحوَّل إلى غضب مرير، وصار لقبه الجديد بين كثير من جماهير الجنوب: «الخائن».
ولد سباليتي عام 1959 في قرية توسكانية هادئة بين أشجار الزيتون وكروم العنب، لعائلة فقيرة. كان والده كارلو حارس مصنع ثم عامل زجاج في إمبولي، وعلّمه درسًا واحدًا لم ينساه: احترام الآخرين.
لا يزال هذا الدرس يرن في أذنيه حتى بعد رحيل الأب عام 1984.
في القرية نفسها لا تزال والدته تعيش، وفي مقهى صغير بشوارع باليميرو تولياتي يجلس سباليتي أحيانًا مع أصدقاء الطفولة ليشرب فنجان قهوة ويتذكر أنه طُرد من أكاديمية فيورنتينا وهو في الـ16، بسبب التغيب عن التدريبات، فدرس المحاسبة وعمل مع شقيقه مارسيلو في تجميع الأشجار بين سوفيليانا وفينشي.
يملك الآن مزرعة صغيرة قرب مونتيسبرتولي، مئتي شجرة زيتون وكروم متواضعة، وكل يوم إثنين تجده يحرث أرضه بنفسه.
قصة حبه من زوجته تامارا بدأت في لا سبيتسيا عندما كان لاعبًا شابًا.
رآها تبيع اشتراكات جريدة «لونيتا»، فاشترى منها 19 اشتراكًا حتى جمع الشجاعة في العشرين وطلب يدها، من يومها لم يفترقا.
تامارا اليوم تدير المزرعة وتربي الأولاد وتنتقل بين كيانتي وميلانو، حيث تدرس ابنتهما الصغرى ماتيلد.
الابن الأكبر سامويل تخرج بامتياز في القانون من جامعة لويس، وأصبح مستشار والده في مفاوضاته الصعبة مع أوريليو دي لورينتيس، رئيس نابولي.
أما فيديريكو «تشيكو» فيمارس العزف على الجيتار ويحلم بكرة القدم.
بعد عامين فقط من ذلك اليوم المجيد في نابولي، يجد سباليتي نفسه في الجانب الآخر من ضفة الكرة الإيطالية.
يقول إنه يتخيل فرحة عميقة ستعتريه حين يطأ الملعب مجددًا، ويضيف بثقة هادئة: «سيكون الأمر سهلًا، سهلًا جدًّا». لكن الجماهير التي رفعته إلى مرتبة مارادونا لن ترى الأمر البساطة نفسها.
هكذا تحوَّل البطل إلى «خائن» في عين من عشقوه، في قصة تثبت مرة أخرى أنَّ في كرة القدم لا شيء أبدي، لا الحب ولا الكراهية، سوى الشغف نفسه.