باجوه
الاتحاد يكسب في العصر ويخسر في المساء
التنافس بين قطبي جدة الاتحاد والأهلي أو الأهلي والاتحاد ليس وليد اليوم والليلة، ولكنه ممتد من سنوات طويلة تجاوزت وبدأت من السبعينات الهجرية وتجاوزت مواجهات الفريقين 150 مواجهة، ولعلنا هنا نسلط الضوء على لقاءات الفريقين في حقبة تاريخية سابقة وكيف كان التشجيع في السابق في مواجهات الفريقين في التسعينات والثمانينات الهجرية.
الهلال البحري
في البداية التقينا بلاعب الأهلي السابق غازي أبوالشامات الذي كان يلعب في فريق الهلال البحري قبل تحوله إلى النادي الأهلي في فترة 1384هـ وتحدث العم غازي عن أيام زمان ومواجهات الفريقين. وقال: في السابق لم تكن هناك حساسيات بين اللاعبين أو حتى الجماهير، كنا بعد المباريات نسهر مع بعض ، ونتجمع في حارة واحدة أيام حارة البحر، وكان أغلب أهلها من مشجعي الأهلي، وقبلها الهلال البحري وكنا نجلس ويأتي إلينا لاعبو الاتحاد ونضحك سويا وحتى ليلة المباراة كنا نجلس ونتعشى سويا وبعدها كل لاعب يذهب إلى معسكر فريقه وأحيانا نذهب إلى أصدقائنا لاعبي الاتحاد في حارة اليمن أو المظلوم والشام، والأمور كانت عادية ولايوجد أي حزازيات حتى من مشجعي الاتحاد لنا في تلك الأيام عندما نكون في حارة كلها اتحاديين وممكن في تحديات نحن سوف نهزمكم أو نفوز عليكم، ولكن تحديات في إطار الحب والاحترام. وقال: الأهلاويون كان أغلبهم في فترة الثمانينات متواجدين في حارة البحر والبعض في حارة المظلوم والشام وباب جديد، وكانت الأكثرية في البحر بسبب الهلال البحري، وبعد انضمام لاعبي الهلال البحري إلى الأهلي تحولت حارة البحر إلى أهلاوية، وفي أواخر الثمانينات انتقل مقر الأهلي إلى حي الكندرة وكان مقره قرب الجوازات حاليا وبالتحديد مكان فندق البدر الآن، وكان جمهور الأهلي يتجمع يوميا في النادي أو في ملعب النجمة جنوب النادي وهو ملعب للناشئين والشباب، ونجلس إلى صلاة العشاء وطبعا جماهير ولاعبون مع بعض، وبعدها الجميع يتجه إلى بيته، وقبل مباريات الأهلي والاتحاد يتواجد جمهور الأهلي بصورة كبيرة في النادي، وكان تجمع جماهير الأهلي دائما في بيت العم رزق رحمه الله في الكندرة، وطبعا الحديث عن المباراة ومن سيلعب وماهي التشكيلة وكيف سيلعب الاتحاد، وكان البعض يحضر الصحف وهي قليلة في تلك الفترة لكن الجميع يقرأ الصحف وإلى بعد صلاة العشاء وتنــــاول العشــــاء كل واحد يروح إلى بيته، وفي الظهر يتجمع كل مشجعي الأهلي في النادي ويتناولون الغذاء والبعض يأكل في بيته، وكان الأهلي في تلك الفترة يوفر تقريبا أربع حافلات تنقل جماهيره إلى ملعب الصبان والمباريات كانت تقام في العصر والبعض يذهب بسيارته وكان هناك جماهير يتكبدون المشقة ،وأضاف : يأتون من مكة والمدينة وينبع لحضور مباريات الأهلي والاتحاد وبعد نهاية المباراة يرجع الجميع إلى النادي، إذا كنا فائزين تجد الاحتفالات تقام فترة طويلة وأحيانا عندما نأخذ بطولة تكون الاحتفالات في النادي لمدة أسبوع غير احتفالات أهل الكندرة، وطبعا المزمار والعجل وكانت أيام جميلة، وإذا خسر الفريق تجد البعض يذهب إلى بيته مباشرة وقليل يجلس يتناقش عن أسباب الخسارة، ورغم أن الكندرة أغلب أهلها أهلاويون، إلا أن هناك عائلات اتحادية وكانت تسكن بجوار النادي ومع ذلك كان هناك احترام ولاتجد من يسيء لهم خاصة إذا خسر الاتحاد بالعكس يباركون لنا. ويتذكر أبوالشامات أن اللاعب زمان كان يشتري ملابسه من حسابه، وقال "نحن في الأهلي النادي يرسلنا إلى أحد محلات الأحذية لتفصيل الحذاء الذي نلعب به، وزمان كانت الأحذية فيها مسامير من الأسفل وطبعا نستعرض فيها أمام أصدقائنا.
وأضاف أبوالشامات: المباريات كانت تقام في ملعب الصبان والحضور دائما يملأ الملعب ولاتجد أماكن خالية، والجماهير زمان لديها احترام، ممكن تجد من يتلفظ ولكن قلة، وكانت تباع العصائر والبسكويت والفصفص على الجماهير، ورغم أجواء الحرارة تجد الملعب ممتلئاً والجماهير تذهب من الظهيرة لحجز مكان لهــا. وقـــال: التشجيع زمان مثل الآن كان فيه طرب، وكان للأهلي رابطة يقودهــا الراحــل جراد ومعلا هريش رحمه الله وعم رزق الله وأيضا جماعة حارة السقاف، وتسمع أهازيج وطرب يمكن أروع مما هو الآن، وأهم شيء زمان كانت القلوب صافية ولايوجد حقد أو إساءة.
وقال أبوالشامات: لعبت في الهلال البحري عام 1384 وأيامها كنا نجتمع مع الدكتور عبدالرزاق أبوداود وسعود أبوعوف وغيرهما في حارة البحر.
قبل التأسيس
وفي الجانب الاتحادي يقول العم مساعد باجوه أحد أقدم مشجعي الاتحاد: كان زمان الاتحاد يتنافس مع الوحدة قبل تأسيس الأهلي، ومع بداية تأسيس الأهلي بدأت الإثارة كبيرة خاصة بعد انضمام الهلال البحري، وكان يضم لاعبين كباراً إلى الأهلي. وقال: كان هناك مركاز طارق أبوصفية بجوار باب جديد يجتمع فيه جماهير الأهلي والاتحاد إلى صلاة العشاء وطبعا كله كلام عن المباراة والتحدي، وكان العم عبدالرحمن كاكا أول رئيس لرابطة الاتحاد، وكان يحضر السيارات (اللوري) التي كانت تحمل البضائع في ميناء جدة إلى الحارة لتنقل الجماهير إلى ملعب الصبان، وتقف السيارات في برحة عاشور وبرحة سنبل ويركب فيها الجمهور إلى ملعب الصبان، وكان الجميع يذهب في سعادة ولم يكن هناك سيارات في تلك الفترة في أواخر السبعينات تقريبا. وكان جمهور الاتحاد يتجمع في (قهوة) بشارع العلوي وحتى لاعبي الاتحاد ولكن لهم ركن بعيد بجانب بيوت الكيال، وكان هناك عم عبدالرحمن كاكا وعبـدالله حســــــنين (فتاق) وعلــي عماشـــة وجماعة بن حمد، وكل الأحاديث عن مباراة الاتحاد والأهلي، وكان هناك مجلس للجمهور في بيت العم حمزة فتيحي في حارة اليمن وطبعا كل الأحاديث عن التشكيل من يلعب، ونزعل إذا لم يلعب سعيد غراب أو النور موسى أو علي عسيري لأنهم كانوا نجوماً، وقبل المباراة الظهر نتواجد عند بيت العم حمزة فتيحي ونرسل الصغار إلى ملعب الصبان ليحجزوا لنا مقاعد لأن الملعب في ذلك الوقت لايتجاوز 14 ألف متفرج، وبعد الظهر نذهب إلى ملعب الصبان على أقدامنا لأن السيارات أحيانا لاتكفي لنقل المشجعين، ونتجه من حار اليمن والمظلوم والشام والهنداوية، وأتذكر إذا كان ملعب الصبان ممتلئاً ولاتوجد أماكن نذهب إلى عمارة (فيلبس) وكانت تحت الإنشاء ومرتفعة وهي موجودة للآن ونشاهد المباراة من فوق العمارة، وأشهر مكان لتجمع جماهير الاتحاد في حارة العلوي وبرحة عاشور، وكان يأتي علي عماشة وعبدالله فتاق وكان تسكن عائلات بكر والكيال واللنجاوي والســاعاتي والفتيحـــي والغــــراب وعجــلان وباهبري وأبوزنـادة والزهيري والدمياطي في تلك الأحياء وكلها عائــلات اتحادية، وطبعـا عائلـــة بكر عبـــدالله وعبدالمجيد وإخوانهم أناس خدموا الاتحاد وصرفوا من جيوبهم ويستحقون أن تحمل أسماؤهم أماكن في النادي وأيضا عائلة الكيال.
وأضاف باجوه : كنا نشتري الجرائد قبل المباراة وكان سعرها رخيصا وعدد ورقها قليل ونقرأ مايكتب عن المباراة ونجلس نتناقش، وعندما تكون المباراة يوم الجمعة يجتمعون بعد الصلاة في بيت العم حمزة فتيحي، ويأتي يوسف الطويل وأولاد الكيال والساعاتي وعبدالمجيد بخش وكل الكلام عن المباراة والتوقعات، وبعد الغداء يذهب الجميع لملعب الصبان.
على الأقدام
وإذا فاز الاتحاد تجد الاحتفالات والأعلام في الحارات كلها خاصة حارة اليمن والمظلوم، ونخرج من الملعب على أقدامنا ونحن فرحين ونذهب إلى المركاز، وصعب كنا نروح مقر النادي لأنه بعيد عنا ونعمل احتفالات وطرب وعشاء، وكان يحضر كبار الاتحاديين، وكان هناك شخص اسمه التعزي يعشق الاتحاد يزين محله بشعارات الاتحاد ويوزع مجانا إذا فاز الاتحاد، وكنا نحمل اللاعبين على أكتافنا في الحارة وسط فرحة كبيرة.
وإذا خسر الاتحاد تجد الجميع (زعلانين) وننتقد اللعب وأداء اللاعبين، وطبعا كان البعض يتحدثون عن (الشعوذة) في تلك الفترة ويقولون أكيد فيه (دنبوشي علشان نخسر)، وطبعا هذا كلام غير صحيح.
وأتذكر في عام 1399 كان النهائي عصراً بين الاتحاد والأهلي على كأس الملك في الريــاض، وقلت لصديقي إذا أقيمت المباراة في العصر يفوز الاتحاد وإذا أقيمت في الليل نخسر، وتلك المباراة غريبة جدا الاتحاد كان في قوته أخرجنا الهلال والنصــر والاتفــاق، وكــان أفضـــل أداء للاتحاد في كل تاريخه، والأهلي كان متهالكاً وصل النهائي بصعوبة أمام فرق مثل الروضة وبعضها بركلات الترجيح، وكل الآراء كانت تقول الاتحاد يفوز بنتيجة كبيرة ولكن حدث العكس وفاز الأهلي بأربعة أهداف وللآن البعض يقول إن تلك المباراة فيها أمور غريبة، ومع كل هذه المواجهات والتحدي بين الاتحاد والأهلي كان الحب موجوداً، وكانت عائلات أهلاوية موجودة في حارة اليمن والمظلوم والشام ومع ذلك لايوجد خلافات أو مشاكل لأن هناك حباً يجمعنا جميعا، نعم لانحب الأهلي يفوز علينا ولكن الحب والاحترام والصداقة موجودة حتى بين اللاعبين، وكان لاعبو الأهلي يأتون إلى حاراتنا ويجتمعون ويضحكون، الآن الوضع اختلف والتعصب زاد بسبب القنوات الفضائية.