المنتخب بين السوالف والحقائق "5"
صدمت لردة الفعل المبالغ فيها على خسارة المنتخب أمام نظيره البلجيكي لأسباب كثيرة، أولا: لأنها تناولت اللاعبين بشكل منفصل عن السياق الكروي السعودي العام، ثانيا: لم تستند على مبرر فني تراكمي، ثالثا: لأنه شارك فيها المسؤول والمحلل الكروي والإعلامي بنغمة واحدة بالرغم من اختلاف المهام والواجبات بينهم.
السياق الكروي السعودي ينتج في كل حقبه الزمنية نفس هذه النوعية من اللاعبين، ولا يكاد يكون اختلاف بينها إلا في بروز بعض مواهب في بعض مراكز لاتشكل حالة تغيير في طبيعة اللاعب السعودي في مجمله، وبالتالي فإن الذين شاركوا أمام بلجيكا "أول أمس" هم نفس الذين لعبوا أمام نيوزيلندا 81م "5ـ0" في الرياض، وألمانيا في لوس أنجليس 84م "6ـ0" وفي مونديال كوريا واليابان "8ـ0" 2002 م، وتفاصيل كثيرة من ماجرى فيها وغيرها من نتائج ووقائع تحفظها السجلات شارك فيها كل أجيال الكرة السعودية دون استثناء.
نحفظ دائما لكل النجوم السعودية حقهم من الاحترام والتقدير لما أنجزوه، لكن هذه ليست تذكرة مفتوحة لهم للدخول في شؤون المنتخب الحالي بطريقة "أنا كنت أحسن منهم"، دون مراعاة للظرف الزمني ولا ما يحتاجه المنتخب في هذه المرحلة، كذلك الحال ينطبق على الناقد، أما المسؤول فواجباته يجب أن تجعله يفرق بين الرأي الشخصي النابع من مواطنة وعاطفة، وما يمكن أن يترتب على هذا الرأي من زيادة أعباء تثقل كاهل المنتخب وأجهزته لا تؤدي إلى دفعه للأمام بل إسقاطه!
دعونا نتفق، إما أن لدينا كرة قدم "مواهب ونجوم ومسابقات ومنشآت وتأريخ"، أو أن ذلك كله كان كذبة اخترعناها وسوقنا لها وصدقناها، هذا أمر غير معقول أن نسمع بعد كل هذا التأريخ من يشكك في قيمة اللاعب السعودي الفنية وموهبته وإمكانيات تطوره، إذاً ما الذي كنا نلهث وراءه في الملاعب والإعلام والمجالس؟ هل كنا نكذب حين قلنا إننا أبطال آسيا وممثليها في "المونديالات والأولمبيات"، ولدينا أساطير كروية وأندية عالمية وأقوى الدوريات العربية؟!
المرحلة الإعدادية الأخيرة يجب أن لا تبدأ قبل أن تتم تصفية كل ماشاب برنامج التحضير من أحكام قاسية وتوقعات محبطة وتجاوزات مسيئة، ودعوة لنا جميعا أن لانحلم بما نتمنى ثم نطالب غيرنا بتحقيقها أو نحاسبهم عليها، ليشارك الجميع في رسم الصورة الممكن أن يكون عليها المنتخب في روسيا بما يتوفر وليس بما يعتقد أنه متوفر وهو غير موجود في الواقع. ......يتبع.