2017-12-14 | 03:56 مقالات

"السيلما" في عقر دار الغريم

مشاركة الخبر      

 

 

كان ذلك في السبعينيات الميلادية حتى مطلع الثمانينيات يمكن لك أن تختار أحد أندية العاصمة الأربعة ليكون وجهتك هذا المساء لحضور عرض سينمائي، لا يلعب اختلاف الميول والانتماء إلى نادٍ في اتخاذ القرار بقدر طبيعة الفيلم وقرب المسافة ووجود الصحبة.

 

تدخل النادي بغرض مشاهدة السينما ويسميها أغلبنا "السيلما" دون أن يكون في ذهنك أنك في عقر دار الغريم أو في حضن النادي الحبيب لا يهم ما يفصل في ذلك وأنت ذاهب إلى البحث عن السعاده توفر فرصة الحضور التي ربما عملت على تحققها كثيراً والتي قد لا تأتي مرة أخرى قريباً، كذلك يحدث أيضاً ألا تكون الميول حاجزاً أمام أن تكون لاعباً أو مشاركاً في أي نشاط في هذا النادي أو ذاك فلم يصل وقتئذ الجدار الفاصل حده الذي صار عليه بعد ذلك.

 

اليوم تعود السينما إلى خيارات الترفيه والتثقيف ولكن بالصورة التي عليها أحدث القاعات وأرقى الخدمات التي يمكن أن تقدم في كل مدن العالم، في السابق كانت بدائية في ماكينة عرضها وشاشتها.

 

 وبرامج ومواقيت العرض لم يكن هناك أكثر من "هنقدر" كقاعة وبقية مدرج أو كراسي متهلهلة مقاعد للحاضرين وكفتيريا بخيارات محدودة لكن الشعور بعدم الحرمان من حقك الطبيعي أن تطل على العالم من نافذة هذه الشاشة كان كافياً لأن تعيش سعادة داخلية ليس لها مثيل.

 

الأندية الرياضية في السابق كانت تُمارس أنشطة ثقافية واجتماعية كان أثرها ظاهراً لمحدودية الأنشطة والفعاليات الأخرى ومحدودية السكان ومساحات المدن، مسؤولية هذه الأنشطة بالمعنى الذي يحملها وضع إستراتيجياته وتحمل كلفته تولتها منذ عقود وزارات وهيئات حكومية وبقي أحياء مثل هذه الأنشطة في الأندية يأخذ شكلاً آخر يتناسب مع طبيعتها كحاضنة شبابية تخلصت فيه من الفعاليات المنبرية إلى العمل في إطار المسؤولية المجتمعية.

 

مع إعلان هيئة المرئي والمسموع السماح بعودة استئناف العروض السينمائية من خلال أنظمة وشروط تضمن الحد الأعلى من تقديم خدمة عالية الجودة فإن الأندية الرياضية أمامها فرصة إحياء إرثها الثقافي الذي طمرته سنين من التقييد الأحادي حيث بمقدورها أن تشارك في نشر الثقافة والفن بصيغة استثمار وخدمة لقطاع من أنصارها ربما يختارونها دون غيرها من دور العرض التي ستصل إلى الـ 300 كما هو معلن.

 

صناعة السينما في السعودية تقدمت على واقعها من خلال عالم افتراضي نبتت وأثمرت فيه وما حققته في مهرجانات كثيرة يعني أنها فيما هو قادم يمكن لها أن تنجز وبسرعة كبيرة استكمال أركانها حيث قاعات العرض والتقنيون والمنظمون وغيرهم مما يتعلق بهذه الصناعة الذي يؤسس لمعاهد وأكاديميات تدفع بخريجيها لسوق عمل واعد يتلقف أبناء وشباب كان آباؤهم أقصى أحلامهم مشاهدة "السيلما" على جدار متصدع في أحد الأندية.