حمد الراشد ـ الاستقالة.. الوجه الآخر للأزمة
هل كانت هزيمة الهلال الأخيرة وخروجه من الدور قبل النهائي لكأس الملك على يد بطل الدوري بجدارة (الأهلي) السبب الحقيقي لإعلان الأمير نواف بن سعد عن استقالته؟ وهل كان خروج النصر هذا الموسم خالي الوفاض باستثناء تأهله لنهائي كأس الملك.. وخسائره الثقيلة آسيوياً سبباً في إعلان الأمير فيصل بن تركي استقالته بالطبع لا.. فالقضية برمتها.. ومن أساسها وجذورها مادية بحتة.. التزامات مالية كبيرة يقابلها شح في الإيرادات سواء من أعضاء الشرف، دخل المباريات، أنواع الدخل إلخ وعندما تفاقمت الأزمة المادية وبلغت درجتها القصوى في ظل تراجع النتائج واستمرار الإخفاقات.. وارتفاع حدة الانتقادات بعضها قاسٍ وبعضها جارح كان لابد من اتخاذ قرار الاستقالة.. لسان حال نواف وفيصل.. لكل من شمر عن ساعده وانتقد وهاجم تصريحاً وتلميحا.. (تفضل).. الباب مفتوح والكرسي جاهز.. فالمشكلة أو الأزمة المادية الطاحنة هي السبب الحقيقي لاستقالة رئيسي الهلال والنصر، فالدعم الشرفي انحسر في العامين الأخيرين.. وإن وجد فهو لا يفي بالغرض المطلوب.. في ظل ارتفاع سقف الالتزامات المالية.. فضلاً عن عجز المداخيل الأخرى من المباريات والنقل.. ولكن هل الأزمة المادية وحدها السبب الحقيقي لما حدث لا.. الأزمة جزء وسوء التصرف في توقيع عقود بمبالغ خيالية الجزء الثاني.. فمن دفع النصر للتعاقد مع نايف بصفقة تجاوزت الـ٥٠ مليون ريال.. وقبلها صفقات مشابهة.. فضلاً عن الصفقات المضروبة للمحترفين الأجانب.. مما جعل النصر يئن تحت وطأة الالتزامات الشهرية الضخمة وعجز عن دفع الرواتب.. وكل ذلك انعكس سلباً على الأداء والمستوى والنتائج.. فالمشكلة مزدوجة.. شح في الموارد والدخل والإيراد.. وسوء إدارة إذن كيف السبيل للخروج من الأزمة.. العجز المالي حلوله محدودة جداً.. فالدعم الشرفي لا يمكن الركون إليه في ظل الوضع الاقتصادي العام.. فالأمور تغيرت والمال عزيز.. والمداخيل الأخرى.. مباريات، إعلانات، نقل لا تفي بالغرض.. خاصة في ظل عدم وجود رعاة رسميين كبار من وزن الخطوط القطرية الراعي الرسمي للأهلي.. بقي الأمل الأخير.. حسن الإدارة.. بتطبيق المثل الشعبي "على قد لحافك مد رجليك".. والتعامل مع الظروف الحالية بواقعية.. فإذا تعذر التعاقد مع أربعة محترفين أجانب يمكن الاكتفاء باثنين.. وإذا تعذر التعاقد مع محترفين أجانب يمكن التركيز على العناصر المحلية خاصة من أبناء النادي.
ويحضرني هنا ما قاله د. عبدالفتاح ناظر يرحمه الله في حديث متلفز عام ١٩٩٣ رداً على سؤالي لماذا لا تتعاقد مع محترفين أجانب من العيار الثقيل.. أجاب.. هل تصدق
أنني لا أعرف طعم النوم في الأسبوع الأخير من كل شهر.. كل تفكيري كيف أؤمن رواتب اللاعبين وإيداعها في حساباتهم قبل اليوم الأخير من الشهر.. أحياناً كنت اقترض من البنوك إذا لم أحصل على الدعم من أعضاء الشرف.. وسألني أيهما أهم.. تأمين رواتب اللاعبين كل شهر أم التعاقد مع محترف أجنبي من العيار الثقيل.. فلابد من اختيار الحل الأنسب.. ولهذا.. تعاقدنا مع محترفين وفق إمكاناتنا المادية.. ولم نحضر محترفين من المستوى الأول.. حتى نستطيع تأمين رواتب اللاعبين.. وذات يوم سألت الأمير محمد العبدالله الفيصل ـ يرحمه الله ـ عن سر فوز الأهلي بكأس ولي العهد عام ١٤١٤ قال أبداً.. "أمنّا اللاعبين في بيوتهم" يقصد ندفع رواتبهم أولاً بأول نهاية كل شهر.. الشاهد... أن الإدارة الحكيمة الناجحة التي تتعامل بواقعية مع ظروفها هي القادرة على مواجهة الأزمات.. وهي الهدف والغاية للخروج من سقف الأزمة المادية الطاحنة التي اكتوت بنارها معظم الأندية باستثناء الملكي.