حتى الندوات التلفزيونية
طبعاً لا أعول على ما يطرح في الندوات التلفزيونية ليس تقليلاً من أهمية ضيوفها والمشاركين في إعدادها وإنتاجها ولكن لأن مثل هذه الندوات إنما هي لتزجية الوقت أكثر منها عمل يأخد في الاعتبار طرحا جادا ودقيقا يثمر عن خلق مسارات تؤدي إلى حلول. كل ما تحضر أو تشارك في ندوة تلفزيونية ويكون الحديث عن تطوير الأندية فإن الأمر يدور ويحور في لعبة كرة القدم ولا يكاد يتعداه إلا إلى لجنة أو جهة ذات علاقة بكرة القدم أيضاً ولا استشهاد إلا بما فعله فريق كرة القدم أو لم يفعله أو سيفعله ثم تقفز إلى طاولة الحوار الكلمة الأثيرة (الخصخصة) كحل سحري علينا العمل به لتنتهي كل مشاكلنا ويتسابق المشاركون فيما بينهم على من يرمي أولاً بهذه الكلمة الحجر في بركة النقاش لتتحرك وتموج بكل ما ينقض بعضه بعضاً حتى ينتهي الأمر إلى لا جديد كل ما قيل يعاد ينقص ولا يزيد. نحن مغرمون بالمصطلحات، نجتهد في حفظ أكبر عدد ممكن منها لاستخدامها باستعراض لغوي نوهم من خلاله من يحاورنا أو يستمع إلينا أننا نكتنز علوما ومعارف تجيز لنا أن نحتل هذه المكانة، بل وحرمان غيرنا منها ومن ذلك فإن مصطلحات الخصخصة وغيرها مما بات بضاعة لمفلسين يحتمون خلفها يحتاج من المتخصصين إلى حملة تصدي لوضع الأمور في نصابها ليس كذلك وحسب ولكن قبله على الزملاء الذين يديرون مثل هذه النقاشات إجبار البعض على شرح وتفسير رمزيتهم وإيماءاتهم التي يحاولون أن يثيروا بها المتلقي أو يسقطون بطريقة غير مباشرة على آخرين لأن دورهم في هذه الندوة الحديث والقراءة والتحليل والتفسير والدقة في المعلومة وطرح القضايا من خلال خلفية غنية بالتجارب والمعلومات يجب أن يفوت عليهم تذاكيهم بالالتفاف على عدم متابعتهم وفهمهم للوائح والقوانين وتهربهم من تناقضاتهم بحجج واهية لأن في ذلك حفظ لقيمة الندوة والوسيلة الناقلة وللمتلقين الذين يسوؤهم كثيراً بقاءهم ساعات خلف الشاشة فيما يكون الحوار الذي يدور أشبه بعملية حل كلمات متقاطعة الكل يحاول الإجابة بأكثر من محاولة أفقي رأسي وعلى المتلقي أن يستخدم دماغه للمساهمة في البحث عن الحل الصحيح. لا شك أن متعة المتابعة وقبول الإصغاء تتحكم فيه أمور مختلفة كل بنسب، ويحوز احترام عقل المتلقي على النسبة الأكبر وأول مظاهر الاحترام عدم افتراض غبائه أو جهله والنأي به عن دائرة مجاملة هؤلاء على حسابه تحت أي ظرف.