التعصب لم يعد المشكلة
كلنا مطالبون بالبحث عن بدائل جديدة لتلك التي نستخدمها حين نقوم بعرض بعض الظواهر بغرض معالجتها، لم يعد من الممكن فرض أسلوب واحد كالوعظي أو المدرسي على مجاميع انفتحت على العالم وتستطيع أن تتواصل في أي أمر كان مع من كان، كما أن هناك ضرورة لتغيير الأدوات وليس الآليات فقط، فقد ملت الناس من الوجوه التي تصافحها صباح مساء من كل النوافذ، ومهما بلغت قيمتها الفكرية وثرائها المعرفي فلابد الأخذ في الاعتبار أن المستهدف بالطرح يحب ويكره، يقبل ويأنف، وأن القبول أيضاً هو ظرفي وليس دائماً أو مضمون الدوام، ومن هنا فإن تغيير الآليات من خلال أساليب وطرق جديدة في الطرح والمعالجة واستبدال الأدوات الموصلة بأخرى هو خطوة أولى لتحقيق الهدف لو لم يكتب له التحقق فإن السبب لن يكون له علاقة بهذا المنهج إنما لأسباب أخرى. من هذه الأسباب أحياناً اختيار بعض القضايا التي أشبعت طرحاً وبحثاً مما يضعف من قيمة وأهمية الموضوع بفعل التكرار في العرض والتحليل والتوصيات.. كما يحدث حين تختار موضوع (التعصب الرياضي) بغرض معالجته من خلال برنامج تلفزيوني أو إذاعي أو حتى ندوة عامة، وقد استمعت ـ أمس ـ إلى برنامج إذاعي على محطة الـu-fm كان يتمحور حول التعصب وكيف يمكن نبذه أو التخفيف من تداعياته على حياة المجتمع الرياضي وأفراده، ولا أظن الموضوع جديداً، ولا كون بثه يسبق بساعات لقاء الديربي الذي يجمع النصر والهلال في دوري زين مبرراً كافياً لاختيار الموضوع بقدر ما قد يعتبر انتهازية غير بريئة. ركز المتصلون وجلهم من الجماهير الرياضية على أن أسباب التعصب هو الإعلام الرياضي.. وهذا أيضاً ليس بالجديد الذي تعلق فيه أسباب الاحتقان النابع من التعصب على شماعة الإعلام الرياضي، وبغض النظر عن سلامة ذلك أو قربه للواقع إذ إن ذلك أمراً آخر يحتاج إلى وقفات معمقة، إلا أنه زاد من قناعتي بأن الموضوع الذي تكرر وتكلس إنما وكأنه يراد به أن ما يساهم فعلاً في تأجيج التعصب بطرحه كل ما خمدت ناره أو على أحسن حال يجري لهذه النار اختبار للتأكد من اتقاد جذوتها تحت رماد الانشغال بقضايا أخرى. كل الذين شاركوا في البرنامج تقريباً حاولوا إدانة أطراف أخرى على رأسها الإعلام الرياضي، لكنهم كانوا في حال يكشف بوضوح أن الغالبية منا يهمها أن تظهر أنها تتحلى بفضائل الأخلاق أهم من أن تحمله فعلاً، وأن جميعنا نفضل أن نعيش في خانة الناصح الواعظ أو المستمع المستكين لأي نصح دون إيمان حقيقي أو تفاعل ندي، وهو ما أسس له الطرح التقليدي الواحد في الآليات والأدوات وحتى المواضيع فأفرغ القيم من معانيها وجعل من السهل تلبسها شكلاً دون خشية من تعرية أو مكاشفة. غيروا من طريقة المعالجة، أطرقوا دروباً جديدة وأساليب متغيرة ولغة مختلفة واعطوا الفرصة لتخصصات متنوعة وطاقات مستنيرة بثقافة الحوار المنفتح بضوابط والذي فيه الاختلاف بأدب والاتفاق دون خوف أو مراءات ونفاق. رئيس التحرير