سنوات سنغافورة والدوحة
كانت سنغافورة في الأذهان تعني صورة من ملاحم كروية، انتصارات غيرت مزاج الشارع السعودي تجاه الكرة والرياضة ونجومها، كان ذلك عام 84م حين تأهل على أرضها المنتخب السعودي إلى نهائيات أولمبياد لوس أنجلوس، كذلك حين حصل على كأسه الأولى، ليس قارياً ولكن الأولى في تاريخه منذ أصبح هناك منتخب كروي يمثل البلاد، لكن سنغافورة نفسها سنة 1989م حرمتنا من التأهل إلى المونديال 90م.. والغريب أنه ظلت الذكرى الحسنة طاغية على الأخرى، بل أخفتها تماماً، حيث لا يتذكر أحد كيف عجزنا عن التأهل للمونديال رغم أن ترسانتنا من النجوم والزخم المعنوي في أعلى درجاته.. ترأس على ما أذكر د. صالح بن ناصر الوفد، والوفد الإعلامي منصور الخضيري، والمنتخب تحت إدارة علي داود.. وكان الوفد في مجمله من الأسماء الكبيرة والمهمة، وبين 89 و93م لم يحدث شيء أكثر من بروز نجوم آخرين في بعض المراكز ربما أنهم ليسوا بذات القيمة الفنية لسابقيهم، لكن التأهل جاء على يديهم، أي أن تأهلنا الحلم للمونديال بدده من كنا نسميهم الكبار، وحصل عليه الصاعدون حتى الجهاز التدريبي الذي كان على رأسه كندينو 93م لم يكمل المهمة وحل عنه في مباراة الحسم أمام إيران جهاز تدريبي وطني بقيادة محمد الخراشي وحمود السلوة مساعداً، فيما كان كارلوس ألبرتو بيريرا من أشرف على خيبة 89م. سنغافورة التي شهدت مبارياتها بعض ما كان يجب أن يكون راسخاً في الأذهان على الصورة الحقيقية التي كانت عليه، وليس على الحال الذي تم تحويره وتغييره على نحو مختلف ومغاير، فالإعلاميين الذين كنا وإياهم هناك في فندق قولد مارك بشارع العرب، أحياء ولله الحمد وذاكرتهم مازالت حية ويقظة.. ولعل ذلك يعين في إحياء بعض ما بات من الذكريات على الأقل لجلاء الصورة وتبرئة البعض ممن طالتهم حينها تهم لأغراض ليست بالخافية لكن تم تجاهلها وقتذاك. ما حاولنا أن نجعله مسلمات كما أشرت -بالأمس- في هذه الزاوية كالحكم بالصلاح الدائم على البعض أو حسن الظن بهم على إطلاقه، وأعلنت أنني تخليت عنه ولن يعد في قاموسي كان أيضاً مسلمات أخرى على شكل تفاؤل بأرض سنغافورة ومن بعدها الدوحة.. ففي الأولى حققنا أولى الإنجازات وفي الثانية صعدنا للمونديال للمرة الأولى وتحقق للمنتخبات والأندية السعودية الكثير من الانتصارات المدوية، ولأن من يريد أن يرسخ في الذهن سبباً لكل شيء فقد كنا نذكر سنغافورة والدوحة، ونهمل ما يقدمه فريق العمل من بذل وعطاء على الأرض، كأننا بذلك نحاول ممارسة جحودنا لعطاءات شبابنا من خلال نسبها مرة إلى جيل ذهبي وأخرى لأرض فأل خير مع أن الأول وأقصد الجيل الذهبي أو ما يسمى كذلك قصّر في تحقيق ما يوازي ما أغدق عليه من عطاء واهتمام وانحصر تقريباً منجزه في تأهل للأولمبياد مرة واحدة والحصول على كأس آسيا مرتين فيما أيضاً يتم تجاهل أن أرض سنغافورة جرعتنا أكبر خيبة حين عجزنا عن التأهل للمونديال بينما تأهل منتخب الإمارات، أما الدوحة فربما خسرنا على أرضها أضعاف ما ربحنا، كما أن لا أحد أخذ في اعتباره أن أسباباً أخرى جعلت سنغافورة اسماً يلفت الانتباه وينطبع في الذاكرة، فيما كانت كثرة أو سيطرة الدوحة على الاستضافة جعلت منها سوقاً كبيره للربح والخسارة له علاقة بما تقدمه، لكن لماذا أحاول تذكُر ذلك؟.. غداً أكمل.