الجنسية والتأمينات.. الكلُّ لا يعلم؟
البعض يعتقد أن الحاجة الرياضية تبيح تجاوز النظام أو حتى ما هو أبعد وأهم، لذا فأنت تسمع العجب حين يطالب البعض بمنح جنسيات أو توفير ميزانيات أو تغيير أنظمة سوق مالية أو أنظمة عمل وتأمينات اجتماعية وخلاف ذلك من أمور تتعلق بأنظمة دولة وسياسات أقرت بعد أن تمت فيها مراعاة مصالح عليا تحقق أمن واستقرار ورخاء الوطن والمواطن، أو على الأقل هذه هدفها وتسعى لأن يتحقق. هذه المطالبات التي يتبرع بها عادة بعض الإعلاميين أو المسؤولين في الاتحادات والأندية ناهيك عن بعض الجماهير تفتقد إلى الروية وتعتمد على العاطفة وتعتقد أن تبسيطها للأمور كافٍ لأن يلقى القبول ويصبح واجب التنفيذ، خاصة وهي تعتمد على إثارة المشاعر والعزف على حاجات البعض، بينما تتجاهل أن هناك أنظمة وقوانين تحكم كل ذلك إذ لم يكن الحصول على الجنسية السعودية في يوم من الأيام بهذه الطريقة ولتلك الأسباب وعلى أقل تقدير، فإن هناك أنظمة وقوانين تضبط منح الجنسية، وهي مسؤولة عن عدم التجاوب بالبساطة التي يعتقدها البعض بغض النظر إن كانت هذه الضوابط عادية أو مبالغ فيها، كذلك الحال عند المطالبة بإدخال الرياضيين في نظام العمل والعمال والتأمينات الاجتماعية. البعض مغرم بمحاكاة الجيران دون أن يضع في ذهنه الاختلافات الكثيرة وعدم التماثل فيما يتعلق بالمساحة الجغرافية والتعداد السكاني، وهو يغالط نفسه عندما يذهب في اتجاه الحرص على تجنيس من يرى أنه موهبة كروية، في الوقت الذي يعلم هو أن هناك مواهب أكثر من بين المواطنين لا يحصلون على فرصة المشاركة، ولا يعلم أيضاً أن شخصاً أو عشرة أو مائة لو ذهبوا من السعودية إلى دول خليجية أخرى ومنحوا الجنسية، إن ذلك كان حلاً مثالياً للطرفين دون إلزام على الطرف الثالث (السعودية) أن تحتفظ بهم أو تعارض ذلك، أو أنها خسرتهم أياً كانوا أولئك. البيئة الكروية هي التي تسمح للمواهب بالتطور، وهي تحقق ذلك لكل المواهب، ونسبة الموهوب المواطن إلى شقيقه غير المواطن أكثر؛ وعلى من يهمهم الأمر وضع كل جهودهم لاكتشاف واستقطاب ورعاية الموهوبين المواطنين وغير المواطنين إذا حصل على الجنسية بالطريقة المتبعة، أما من لا يحصل عليها ويجد فرصة في دولة أخرى تمنحه حق المواطنة فلا ضرر ولا ضرار، فلم يحدث خلال السنوات الثلاثين الماضية أن تم تجنيس لاعب من المقيمين في السعودية لصالح دولة خليجية ونجح بشكلٍ خارقٍ، وسجل تاريخاً كروياً تحتفظ به الذاكرة الرياضية، وذلك دليل على أن ما حدث أو يحدث الآن مع لاعبين قلائل جداً نجحوا في الإمارات وقطر لا يستحق حالهم أن يفتح ملف التجنيس كما تم تناوله إعلامياً خلال هذه الفترة. أما القضية الأخرى فهي ما وصل إليها اتحاد كرة القدم مع وزارة العمل بأن وافقت على طلبه بأن يحصل الرياضي على مسمى لاعب كرة قدم محترف أو رياضي محترف ويحمل بطاقة رسمية بذلك، هذا الأمر وبرغم من أنه سوق له على أنه انتصار للرياضيين والكرويين المحترفين، إلا أنه غير ذلك؛ فقد ذكرت مصادر قانونية ورسمية أن الأمر لن يتجاوز هذه الشكليات (المسمى والبطاقة)، فهو لن يخضع لنظام العمل والعمال، والوزارة لا تملك فرضه على التأمينات الاجتماعية التي تخضع لنظام مستقل، لا يمكن له أن يتجاوب مع مطالب الرياضيين المحترفين، فهو في الأصل نظام يخدم العاملين الذين يودعون استحقاقات التأمينات الشهرية بشكل منتظم، وإلا تعرضوا لغرامات.. ثم أيضاً لا يمكن للمستفيد من تحصيله إلا بعد تجاوزه سن الـ60 عاماً، كما لا يقبل من تزيد رواتبهم على 45 ألف ريال كحدٍّ أعلى. هذه المعلومات هل كانت غائبة عن اتحاد كرة القدم عندما رفع لوزارة العمل هذه المطالب وهو الذي يعلم أن اللاعبين لا يمكن لهم الالتزام بسداد مستحقات التأمينات بشكل شهري منتظم وأن معظمهم يتقاضون رواتب شهرية أكثر من 45 ألفاً كما أن اللاعب كحدٍّ أعلى لا يمكن أن يتجاوز سن الـ35 في الملاعب، مما يعني أنه يحتاج للعمل 25 سنة في قطاع آخر ليكمل المدة القانونية التي تضمن له عوائده التقاعدية.