2017-01-24 | 04:16 مقالات

الملك عبدالله... ماذا طلبني؟

مشاركة الخبر      

لا شيء يعدل البكاء على حبيب، لا كلمات ولا حروف تترجم الشوق له، تجد نفسك في عذاب الفراق وتسأل نفسك بكلمات الشاعر سليمان الصقعبي:

وين رايح ؟

التفت .. سلّم علينا.. 

ما روينا من حنانك.. 

ومنك والله ما اكتفينا.. 

وين رايح.. 

يا ابو متعب؟ 

دون أن تشعر سوف تجد نفسك تنقش على جدار قلبك تلك اللوحة الجدارية الشهيرة في جدة، التي رسمها الشاب السعودي أحمد زهير لحبيب الشعب وهو يتكئ على عصاه وكأنه يقول حان وقت الفراق.

 

صوتك نسمعه ... ابتسامتك نراها... حنانك نتذوقه... عطفك نلمسه... رائحة روحك الطيبة نتنفسها، لا تكفي حواسنا الخمس أن نقول لك:

 

اشتقنا لك يا ابو متعب 

 

حاسة سادسة، سابعة، مليون لا تكفي حبنا لك "مختلف"، ألم أقل لكم لا شيء يعدل حبنا لهذا الرجل العظيم.

 

عشت معك مشهداً من حنان الأب على أبنائه، عشت معك تواضع ملك مع شعبه، وسيبقى كتفي الأيمن يشهد بحنان يدك، وسيبقى القلب ينبض بكل كلمة سمتعها من روحك، هي قصة سأبقى أروي لأطفالي وأحفادي تفاصيلها:

 

(في عام 2006م عندما زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز "يرحمه الله" منطقة جازان، استقبل أعضاء المجلس البلدي بأمانة جازان.. كنت حينها معهم، وبعد الاستماع لكلمات ملكنا العظيم طلب الأعضاء صورة تذكارية،

 

التف حول الملك، الأمير متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية سابقاً، وأمير جازان الأمير محمد بن ناصر.. وبقية أعضاء المجلس البلدي، لم يبقِ إلا هذا الشاب كاتب هذه السطور لم يجد لنفسه مكاناً في الصورة.

 

تفاجأت بسرعة بديهة الملك الإنسان وهو يقول: تعال يا ولدي خليك هنا أمامي.

 

جلست أمام الملك عبدالله والدهشة تسكن الجسد.. لتسكن الجسد دهشة أخرى وهو يقول: يا ولدي تسمح لي أضع يدي على كتفك؟.

 

لم أستطع الرد في تلك اللحظة.. دون أن أشعر مسكت يده اليمنى وقبلتها، قبلتها وكأنني أشعر الآن بتجاعيد العمر المرسومة فيها ورائحة العود.

 

بروح الملك الطاهرة، ظل طيلة فترة الصورة وهو يهز بيده جسدي... يمازحني بيده لكي أسقط في الأرض... كان يضحك... كان أباً حنوناً... كان ملكاً متواضعاً... كان بسيطاً في تعامله مع شعبه.

 

هي المرة الأولى التي قابلت فيها الملك عبدالله بن عبدالعزيز "يرحمه الله"، وكانت الأخيرة.. وستبقى قصة التواضع التي عشتها معه أفتخر بها إلى أن يذهب جسدي إلى لقاء روحه على سرر متقابلين في جنات الخلد إن شاء الله، وسيبقى "ثوب" ذلك اليوم كم هو معلقاً لم ولن ألبسه مرة أخرى طيلة حياتي، لتبقى رائحة يدك وجسدك تسكنه).  

 

لا يبقى إلا أن أقول:

 

لا يكفي أن تكون شاعراً، رساماً، أو كاتباً.. لكي تترجم كل محطات ألمك ومسافات أحزانك، وأنت اليوم تعيش ذكرى وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "يرحمه الله".

 

هذه المرة الأولى التي أكتب فيها تفاصيل القصة التي عشتها مع الملك الإنسان، والتي تجسد التواضع في تعامله وحبه لشعبه بروحه الطاهرة.. التي ستبقى تعيش بيننا للأبد.

 

عندما يستأذن ملك مواطناً بسيطاً ليضع يده على كتفه، فاعلم أنك أمام ملك التواضع وصفاء القلب وجمال الروح.. لا أحد يشبهك يا "عبدالله" إلا أخوك "سلمان"، وهو اليوم يواصل مسيرة العطاء ويزرع في جسد شعبه الحزم والأمل، ليبقى الوطن شامخاً بكل ملك جعل من حبه جسراً يعبر من خلاله الشعب إلى أحضان المستقبل المشرق. 

 

بارك الله في الأمير متعب بن عبدالله.. وهو يترجم لنا من خلال الحرس الوطني وسباقات الفروسية تضحيات الأب الروحي للحرس للدفاع عن أرض الوطن وحبه لهذه الرياضة الإسلامية الأصيلة. والشكر للأمير تركي بن عبدالله المدير التنفيذي لمؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للأعمال الإنسانية.. لمواصلة العطاء لتبقى روح الملك الإنسان تنبض للأبد بالإنسانية. 

 

في يوم وفاتك يا أبا متعب كنت كغيري ممن ظل عاجزاً أن يكتب حرفاً، واليوم في ذكرى مغادرة روحك الطاهرة أكتب هذه الحروف.. لأذكر نفسي والجميع بوصيتك الخالدة:

..."لا تنسوني من دعائكم".

 

اللهم إن عبدك عبدالله بن عبدالعزيز في ذمتك وحل بجوارك، أغفر له وأرحمه وأسكنه فسيح جناتك... آمين... آمين.

 

رحم الله الملك عبدالله، وبارك الله لنا في الملك سلمان، وولي عهده، وولي ولي عهد. 

 

هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية" وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.‏