نادي الشباب والأزمات
الأزمات باختلاف طبيعتها وحجمها وعوامل تحريكها أصبحت التحدي الكبير الذي يواجه الأندية السعودية ويهدد تفوقها، وأدى إلى خلق صعوبات ومشكلات وإحداث هزة ثقة في القيم والمعتقدات النبيلة للرياضة الهادفة؛ لذا فإن مواجهة الأزمات وإدارتها والإحساس بها ووضع الحلول الاستباقية والعلاجية تعد أمراً ضرورياً لتفادي المزيد من الخسائر المادية والمعنوية.
ويتطلب التعامل مع الأزمات استخدام أساليب حديثة وعلمية وموثوقة انتشرت في المجال الرياضي بشكل لم يسبق له مثيل في العهود الماضية، حتى امتلأت ردهات المحاكم الداخلية والخارجية بالقضايا الرياضية وملأت الشكاوى والمشاكل أدراج المكاتب بالاتحاد الدولي لكرة القدم؛ ولذا على قادة الأندية ومجالس إداراتها وصناع قراراتها أن يدرسوا ويتعلموا كيفية إدارة الأزمات قبل كيفية دخولهم في إدارة الهيئات الشبابية والرياضية.
وفي كرة القدم تعددت وتنوعت أشكال وأسباب الأزمات، ذلك مع التقدم الكبير في أنظمة ولوائح وضوابط اللعبة وارتباطها بالتقدم العلمي، وأيضاً دخولها في عالم الاحتراف وارتباطها بالاقتصاد والسياسة وقيام الكثيرين بالعمل في مجال كرة القدم بدون مؤهلات علمية وخبرات فنية؛ مما أدى إلى ظهور كثير من الأخطاء التي تساعد في وقوع الأزمات في مجال اللعبة وأصبح حدوث أزمة أمراً متوقعاً في النظم الإدارية الحديثة، حيث تتعامل الإدارة الحديثة مع الأزمات على أنها جزء من حقائق الحياة اليومية، ومن ثم تحاول خلق نوع من المعرفة المسبقة بكل ما يحيط بالأزمات من حيث احتمالات الحدوث والأسباب وكيفية المعالجة ومن يدير الأزمة واحتمالات التكرار وماذا أفادت الإدارة من الأزمة.
ونتيجة لتغير الزمن والتطور تغيرت الإدارة الحديثة وأصبحت تهدف إلى النظر دائماً إلى المستقبل وقبول وإدارة التغيير والانفتاح العالمي للمعلومات والمشاركة الفاعلة الإيجابية والاهتمام بالمصلحة العامة والتحديث والابتكار، حيث تطور الفكر الإداري المعاصر فأصبح يشمل إدارة الوقت، الإدارة بالحب، إدارة العقل، إدارة الفوضى، الإدارة المعلوماتية، الإدارة بالجودة الشاملة، الإدارة المتحررة، إدارة الأزمات.
ويمكن القول إن إدارة الأزمات عملية إدارية مقصودة، تقوم على التخطيط والتدريب بهدف التنبؤ بالأزمات والتعرف على أسبابها الداخلية والخارجية وتحديد الأطراف الفاعلة والمؤثرة فيها واستخدام كل الإمكانات والوسائل المتاحة للوقاية منها أو مواجهتها بما يحقق الاستقرار وتجنب تهديدها، واستخلاص الدروس واكتساب خبرات جديدة تحسن من أساليب التعامل مع الأزمات المستقبلية.
وما تعرض له نادي الشباب مؤخراً من خلال عجزه عن إدارة الأزمة التي أحدثها الخلاف مع حارس مرماه محمد العويس، يعكس ضعف خبرة الإدارة الحالية للنادي وكذلك القائمين على لجنة الاحتراف وفقدانهم لمهارات أساسية تتطلبها طبيعة العمل وما هو مطلوب منهم من واجبات ومهام كإيجاد حلول لمشكلة ما تواجه إعداد النادي (التفكير الإبداعي)، فضلاً عن أهمية تنفيذ الأعمال المطلوبة في التوقيتات المحددة (مهارة إدارة الوقت) والتحكم في كل الأحداث المفاجئة التي تعترض كرة القدم على جميع مستوياتها المحلية والعالمية والبحث والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي سبق أن واجهت مثل هذه الأزمات أو حالات قريبة الشبه منها. كما أن طبيعة العمل في مناخ الأزمة تفرض على فريق الأزمات العمل دائماً تحت ضغط (مهارة مواجهة الضغوط) إضافة إلى حتمية تعاملهم مع الجمهور والمترددين على النادي ومع مندوبي وسائل الإعلام المختلفة، وما يتطلبه ذلك من مهارة التحدث وإقناع الآخرين (مهارة الاتصال). كما أنه لن يتحقق النجاح المنشود إلا بالتعاون بين الجميع (روح الفريق)؛ لذا لم تتضح نهاية العويس بسبب غبش الرؤية لدى مديري الأزمة في نادي الشباب وصراعهم.