2017-01-26 | 03:18 مقالات

منتخب اليد منجز وطني!!

مشاركة الخبر      

سبعة ثامنهم كرة تطوف بين أيديهم، لعبة عريقة كان الفراعنة يلعبونها بقانون مختلف، في الدنمارك هاند بولد، هازينا بجمهورية التشيك، هادزانا في سلوفاكيا، قاند بول في أوكرانيا، وتور بول في ألمانيا، كل هذه الدول مارست ألعابًا مشابهة للعبة كرة اليد الحديثة في عصرنا الحالي.

 

مرت لعبة كرة اليد بمراحل كثيرة عبر ألعاب مشابهة، لتصل إلى قانون دولي متفق عليه رياضياً، يعود الفضل إلى الدانماركي "هولجر نيلسن" في رسم قواعد لعبة كرة اليد عام 1898م. يعتبر القرن التاسع عشر في دول أوروبا الشمالية الدانمارك، ألمانيا، النرويج، والسويد، الميلاد الحقيقي للعبة كرة اليد الحديثة.

 

مر قانون هذه اللعبة بمراحل كثيرة من التطوير عام 1919م، قام "كارل شيلينز" بتشريع القانون الحالي وتم تجربة هذه القواعد الجديدة في عام 1925م، في مباراة كرة اليد للرجال بين ألمانيا وبلجليكا، والفريق النسائي الألماني عام 1930م لعب ضد فريق كرة اليد للنساء النمساوي.

 

اكتسبت لعبة كرة اليد الشعبية العالمية بسبب حب الزعيم الألماني "أدولف هتلر" لهذه اللعبة وعشقه لها، وطالب بالاعتراف الدولي وأصر أن تكون مباريات كرة يد للرجال في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي نظمتها ألمانيا عام 1936م لأول مرة في بطولة عالمية.

 

تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الحديثة في العالم ممارسة للعبة كرة اليد، لا تتجاوز 40 عاماً مقارنة بدول أوروبا العريقة وأبطال العالم في اللعبة المشاركين بمجموعة المنتخب السعودي لكرة اليد الثالثة في بطولة العالم بفرنسا، والتي ضمت بجوار منتخبنا السعودي ألمانيا، كرواتيا، المجر، بلاروسيا، والشيلي.

 

بالرغم من سوء حظ منتخبنا السعودي باللعب في بطولة العالم في مجموعة نارية مع بلدان أصل اللعبة وأبطالها، إلا أن المنتخب السعودي لكرة اليد كسب احترام العالم وهو يجاري هذه المنتخبات العريقة وأحرجها بالمستوى المميز من لاعبي منتخبنا، الذين يعانون من البنية الجسدية الضعيفة أمام الأجساد الأوروبية العملاقة.

 

بلغة الأرقام تعتبر مشاركة المنتخب السعودي لكرة اليد بكأس العالم بفرنسا ناجحة بكل المقاييس، وكسبنا منتخبًا طموحًا للمستقبل يضم مجموعة من اللاعبين الشباب صغار السن، ومثل هذه المحافل الدولية تسهم في صقل هذه المواهب بالاحتكاك مع منتخبات عريقة.

 

رقم قياسي حققه المنتخب السعودي لكرة اليد لأول مرة في مونديال فرنسا، بتسجيل 175 هدفاً في سبع مباريات بالدور التمهيدي والمنافسة على المراكز ما بين 17 و20، وهي المرة الأولى من خلال المشاركات العالمية السابقة يكسر حاجز 20 هدفاً في كل مباراة يلعبها ليبهر المنتخبات العريقة التي قابلها بتطور المنتخب السعودي في الجانب التهديفي بشكل ملفت.

 

عندما تقارن لعبة اليد في السعودية مع كرة القدم الأكثر شعبية ستجدها اللعبة الجماعية الأولى بتحقيق المنجزات من خلال المشاركة في كأس العالم 8 مرات، في الوقت الذي تعاني فيه كرة القدم من المشاركة العالمية كان آخرها عام 2006م.

 

لا يعتبر حصول المنتخب السعودي على المركز 20 بكأس العالم في فرنسا الأفضل في تاريخ مشاركته العالمية؛ فلقد حصل على المركز 19 مرتين عامي 2003م و2013م. لكن عندما تقارن مركز منتخبنا في البطولة القوية الحالية بفرنسا مع منتخبات القارة الآسيوية، فلقد حقق منتخبنا مركزًا أفضل من وصيف قارة آسيا المنتخب البحريني وثالث القارة المنتخب الياباني.

 

من الأسباب الرئيسية على عدم حصول المنتخب السعودي لكرة اليد على مركز متقدم ضعف البنية الجسدية للاعبين؛ بسبب سيطرة المنطقة الشرقية على اللعبة في السعودية وغياب المنطقة الغربية أصحاب البنية الجسدية المناسبة للعبة كرة اليد.

 

أندية المنطقة الشرقية تستحق الشكر على اهتمامها بلعبة كرة اليد، وتعويض ضعف البنية الجسدية بالمهارة والسرعة والرشاقة لتنافس أندية قارة آسيا القوية، بتحقيق نادي النور بطولة القارة مؤخراً والتي حققها في وقت سابق نادي مضر إلى جانب الفريق المميز في المنطقة الغربية نادي الأهلي، والذي أصبح غيابه في السنوات الأخيرة له التأثير السلبي على المنتخب بغياب المواهب أصحاب البنية الجسدية.

 

اهتمام الأندية الكبيرة أصحاب الموارد المالية العالية بلعبة كرة القدم وإهمال لعبة كرة اليد بعدم دعمها المادي أو إلغائها من أنشطتها، له تأثير سلبي في عدم ولادة مواهب جديدة لصالح المنتخب السعودي. ولحل هذه المشكلة قررت اللجنة الأولمبية السعودية والاتحاد السعودي لكرة اليد بإنشاء 10 مراكز في 10 مناطق موزعة على المملكة وفقاً لمقياس عالمي يهتم بالبنية الجسدية لاستقطاب المواهب وتدريبها على يد خبرات عالمية بتوفير إمكانيات حديثة من مختلف الجوانب الفنية، الطبية، والإدارية.

لأول مرة في تاريخ الرياضة السعودية ترتبط ميزانيات الاتحادات الرياضية بالمنجزات في السنوات الماضية، كانت ميزانية اتحاد اليد لا تختلف عن الاتحادات الأخرى في الألعاب الجماعية ككرتي الطائرة والسلة، واللتين لا تقارنان بمنجزات اتحاد اليد.

 

في كل لعبة جماعية لا يتحقق المنجز إلا بالخبرات التراكمية، والدعم المادي مهم بتوفير الميزانية المناسبة لإقامة المعسكرات ولعب المباريات الودية مع منتخبات قوية، هذا ما حرص عليه الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لهيئة الرياضة رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، من خلال توفير كافة الإمكانيات لمنتخب اليد قبل المشاركة في بطولة العالم بفرنسا، بإقامة معسكرات داخلية وخارجية لعب فيها المنتخب 19 مباراة ودية، كان له الأثر الإيجابي في ظهور منتخبنا المميز في مونديال فرنسا بقيادة مدرب وطاقم فني عالي المستوي.

 

عدم تعاون بعض الجهات الحكومية والأهلية بالتأخير في تفريغ لاعبي المنتخب إلى جانب مشاركة معظم اللاعبين مع فريق النور في البطولة الآسيوية، كان له الأثر السلبي على استثمار المعسكرات الداخلية والخارجية بالشكل الأمثل المخطط له.

 

لا يخفى على أحد موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على تفريغ رياضيي النخبة لتأهيلهم للمشاركات العالمية، وهذا القرار يجسد دعم حكومتنا الرياضية وسيكون له الأثر الإيجابي لتحقيق المنجزات الرياضية في المستقبل، وسوف يستثمر اتحاد اليد هذا القرار بتفريغ لاعبي المنتخب السعودي للشباب بكرة اليد المشارك في أغسطس القادم ببطولة العالم للشباب بالجزائر.

 

لا يبقى إلا أن أقول:

 

قد يخفى على الكثير أن الاتحاد الدولي لكرة اليد يتساهل في عملية تجنيس اللاعبين بعدم وجود ضوابط صارمة تمنع الدول من التجنيس قبل المشاركات العالمية، وهذا ما تقوم به كثير من الدول، لكن ما يجعلنا نشعر بالفخر أن الهيئة العامة العامة للرياضة واللجنة الأولمبية السعودية حريصة كل الحرص أن تكون المنتخبات السعودية تضم أبناء الوطن ليسجل المنجز "صنع في السعودية".

 

شكراً لكل لاعب سعودي شرفنا في فرنسا والشكر للجهاز الإداري والفني وعلى رأسهم رئيس اتحاد اليد تركي الخليوي وجميع أعضاء الاتحاد، على اهتمامهم بلعبة كرة اليد والحرص على رفع العلم السعودي في المشاركات العالمية، بهذه الجهود في ظل الاهتمام من الأمير عبدالله بن مساعد رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، سوف يكون للعبة كرة اليد مستقبل مزهر في السنوات القادمة.

 

وفي الجانب الإعلامي أشكر الزميل فهد البطاح على التغطية اليومية المميزة صفحة كاملة بصحيفة الرياضية؛ ليجسد سياسية الصحيفة على اهتمامها بكل منجز سعودي في جميع الألعاب.

 

قبل أن ينام طفل الـــ "هندول" يسأل:

 

هل سوف تساهم الأندية الكبيرة بدورها بالاهتمام بلعبة كرة اليد ودعمها مالياً لمصلحة المنتخب؟؟!!

 

هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية".. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك..