جامعة الفيصل.. إضاءة في الوطن!!
نورة، سهيلة، ندى، أروى، ونورين، خمس فتيات سعوديات يستمتعن بضجيج أصوات المكائن في ورش المعامل، وكأن هذا الضجيج لهن يجسد معزوفة "ضوء القمر" للموسيقي الألماني بتهوفن.
تتلطخ الملابس بالزيت وكأنه عطر باريسي يفوح من معاطفهن داخل الورشة، والأيادي الناعمة تحمل مطرقة ومسامير وكأنهن يعلقن تلك اللوحة الشهيرة التي كانت على باب غرفة الفيلسوف أفلاطون، التي كتب عليها:
"من لم يكن مهندساً، فلا يدخلن منزلنا".
خمس مهندسات سعوديات وأنت تقرأ في وجوههن الطموح، تدرك أن الفيلسوف "ابن خلدون" عندما تحدث عن "علم الهندسة"، كان يقصد أمثال نورة ورفيقاتها، يقول "ابن خلدون":
"واعلم أن الهندسة تفيد صاحبها إضاءة في عقله واستقامة في فكره؛ لأن براهينها كلها بينة الانتظام، جلية الترتيب، لا يكاد الغلط يدخل أقيستها، لترتيبها وانتظامها، فيبعد الفكر بممارستها عن الخطأ، وينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهيع".
خمس مهندسات سعوديات، هن «نورة الربيق» و«سهيلة الخواشكي» و«ندى حبودل» و«أروى العنقري» و«نورين مندورة» من أوائل المهندسات السعوديات خريجات قسمي الهندسة الميكانيكية والصناعية من جامعة الفيصل في السعودية، فريق بحثي تأهل إلى نصف النهائي من تحدي 22، جائزة الابتكار الإقليمية التي أطلقتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث، مقترح مطور من مشروعهن البحثي، يهدف إلى تطوير حل مستدام صديق للبيئة، يتمثل في الاستفادة من مخلفات ألياف النخيل في تصنيع مقاعد الملاعب الرياضية، والتي يمكن أن تكون واقعاً حقيقياً في بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022.
المهندسة نورة الربيق قائدة الفريق.. عن الدافع وراء المشروع تقول:
"لطالما كانت النخيل جزءًا من ثقافتنا العربية؛ نستظل بسعفه ونصنع من جذوعه سقوف وأعمدة بيوتنا، وينفرد العالم العربي بنحو 70% من عدد 120 مليون نخلة في العالم، كما أن مخلفات النخيل في المملكة وحدها تصل إلى 75 ألف طن سنوياً، وكان هذا دافعًا لنا لتقديم حل مستدام للاستفادة من تلك النفايات، عوضاً عن حرقها أو دفنها في الصحراء".
وفقاً للدراسات المبدئية التي أجراها الفريق البحثي من المهندسات السعوديات للتعرف على الجدوى الاقتصادية للمشروع، تبين أنه باستخدام ما يقارب 1- 3% فقط من إجمالي مخلفات النخيل السنوية للمملكة العربية السعودية "75 ألف طن"، يمكن إنتاج ما يقارب 40 – 60 ألف كرسي بملاعب كأس العالم بقطر، ويقدر سعر الطن الواحد من مخلفات النخيل إلى 100 – 150 دولاراً أمريكيًّا، والذي يعد سعرًا رمزيًّا جداً، هذا إلى جانب وجود العديد من المؤسسات التي تعاني للتخلص من تلك النفايات.
لا يبقى إلا أن أقول:
جامعة الفيصل هي جامعة محورها الطالب، حيث تبني المعرفة وتنشرها من خلال برامجها ذات المستوى العالمي لدرجتي البكالوريوس والدراسات العليا، إضافةً إلى البحوث والخدمات الأخرى التي تعود بالنفع على المملكة العربية السعودية والمنطقة والعالم بأسره، تصنف هذه الجامعة المتميزة بمخرجاتها في الوقت الراهن بالمركز الرابع على المستوى الوطني والثامن على المستوى العربي، وكلية الطب بها من أفضل ثلاث كليات سعودية رغم المشوار القصير للجامعة.
الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض يقول عن هذه الجامعة الطموحة:
"لقد وجدت جامعة الفيصل لها مكانة ولها منطلقات وتسير بخطوات ثابتة لتحقيق معادلات تصعب على الآخرين، فعمرها قصير وإنجازها كثير والقائمون عليها لهم الشكر".
تجربة جامعة الفيصل بربط أبحاثها بالرياضة ومنشآتها أمر إيجابي، يفترض أن تستثمر الهيئة العامة للرياضة هذه الأفكار البحثية من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع هذه الجامعة المتميزة بمخرجاتها وأبحاثها.
معالي الدكتور محمد بن علي آل هيازع مدير جامعة الفيصل شخصية أكاديمية مميزة، تملك الخبرة والتجربة الثرية، يقول:
"إن التحدي الجوهري أمام الجامعة لا يكمن في تقديم المادة العلمية بوصفها التلقائي المجرد، ولكن يكمن في نوعية التعليم وجودة المعايير".
الأندية السعودية في المستقبل القريب سوف تعيش تجربة التخصيص، وهذه المرحلة تحتاج إلى كوادر وطنية مؤهلة، أقترح على جامعة الفيصل أن يكون ضمن برامجها في كلية إدارة الأعمال تخصصات في الاستثمار والتسويق الرياضي والإدارة الرياضية، خاصة في ظل ثقة سوق العمل بمخرجات هذه الجامعة المميزة، والتي تعتبر إضاءة في الوطن.
قبل أن ينام طفل الـــ "هندول" يسأل:
هل فكرة مهندسات جامعة الفيصل ستكون واقعاً حقيقياً في بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022؟!.
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية".. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك...