بيعة دونها الرِّقاب
ـ أوّل القول: هنيئاً لنا بنا، أسرةً واحدةً، وبيت طاهر، ومبارك لنا بإذن الله ولاية العهد لسيدي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله وأعانه وسدّد رميه ورأيه وخُطاه، وعلى السمع والطاعة في المنشط والمكره نبايعك يا محمد بن سلمان بيعةً دونها الرقاب.
ـ لا أظن أن بلداً في الدنيا، أذهل العالم، بسلاسة انتقال مناصب الحكم، وانسيابيّة حراكها السياسي، مثلما فعلت وتفعل المملكة العربية السعوديّة، نعم تكاد الأمور غير قابلة للتنفيذ، ولا للتصديق، إلا لمن يعرف النسيج السعودي جيداً.
ـ بالنسبة للشعب السعودي حدث ما كان منتظراً من الجميع، ومأمولاً من الغالبيّة العظمى، وبالنسبة لكل متابعٍ للشأن السعودي حدث ما هو متوقّع بنسبة كبيرة جداً.
ـ لم تخرج الأمور عمّا هو مُنتظَر ومأمول ومُتوقّع، فالرؤية السعودية الجديدة، المنطلقة نحو غدٍ أطيب وأكثر رحابة، جاءت مع محمد بن سلمان ومنه.
ـ اختصر في شخصه كل ما ننتظره: شباب متدفّق الحيويّة، لغة بليغة وسلسلة، صادقة وواضحة وقادرة على تحديد الهدف، أفكار مُشِعّة ومتدفِّقة، فهم للتاريخ والحاضر ولما يُمكن تحقيقه في المستقبل، طموحات بلا حدود، ونشاط سياسي واجتماعي وإنساني بلا مثيل، اختصر الزمان وأسهب في المكان.
ـ بالتراتبيّة التي كانت عليها الأمور، كان يمكن للوضع أن يستمر، غير أن الرؤية لن تتمكن من تقديم ذاتها على أتمّ وجه، قبل أن تصير الأمور أكثر خلاصاً لسيّد الرؤية نفسه.
ـ كان منصب "ولي ولي العهد"، منصباً طارئاً، وصعب التصنيف عملياً، تمّ استحداثه في لحظات سياسية حرجة من عمر المملكة، لحظات يمكن تفهّمها مع كِبَر السِّن وتقارب الأعمار في الجيل الأول، منعاً لأي التباس، وسداداً لكل ثغرة أو فجوةٍ يُمكن للعدوّ المتربّص محاولة استغلالها.
ـ مع القفزة الحضاريّة الهائلة، التي تكاتفت فيها حكمة سلمان وحزمه برؤية محمد بن سلمان وحيويّته، بات واضحاً جليّاً أن منصب الرجل الثالث، لا يكفي لاستيفاء شروط الوعد والعهد، ومع شروط وصلاحيات وفعالية هيئة البيعة، كان من المتوقّع تقدّم الأمور، وإصلاح الخلل التراتبي البسيط، ومع التكاتف العائلي الذي عُرِفت به الأسرة المالكة، كان من المنتظر أن تمرّ الإصلاحات بانسيابيّة تامّة، وهو ما حدث فجر الأمس، والحمد لله.
ـ آخر القول: كان محمد بن نايف ويظل، رجل أمن من طراز نادر شديد الاستثنائية والفرادة، قِلّة من الرجال جمعوا بين الجسارة والحكمة في أعلى مستوياتهما، جسارته قرّبته من الخطر، حتى رمَت بأخسّ الناس تحت قدميه إذ جاءه يريد تفجيره، وحكمته رمَتْ بأكرم الناس وأعزّهم، بمحمد بن سلمان يُقبل يده وركبته شكراً ومحبةً وعرفاناً، إذ جاءه محمد بن نايف مبايعا على السمع والطاعة في المنشط والمَكْرَه، في مشهدٍ أسطوريّ يتوّج به محمد بن نايف تاريخه الأمني على أطيب وجه وفي أروع صورة، ويبدأ فيه محمد بن سلمان ولاية العهد على أطيب وجه وفي أروع صورة.
ـ هنيئاً لنا بنا، ولا عزاء للمتصيّدين، الذين انتظروا مياهنا تتعكّر، لكنها وبحمد الله ما تكشّفت إلا عن صفاء أعمق وأحقّ بالبقاء.